============================================================
حروف الكلمة، فإن قيل: وكيف جاز العطف على المضمرين المرفوع والمنصوب بغير تكرير وامتنع العطف في المضمر المجرور إلا بالتكرير؟ فالجواب عنه أنه لماجاز ان يعطف ذانك الضميران على الاسم الظاهر في مثل قولك: قام زيدوهو، وزرت عمرا وإياك، جاز أن يعطف الظاهر عليهما فيقال: قام هو وزيد وزرتك وعمرا، ولما لم يجز أن يعطف المضمر المجرور على الظاهر إلا بتكرير الجار في مثل قولك: مررت بزيد وبك، لم يجز أن يعطف الظاهر على المضمر إلا بتكريره أيضأ نحو: مررت بك وبزيد، وهذا من لطائف علم العربية ومحاسن الفروق النحوية" .
فكل ما سبق لم يورده ابن منظور في هذه المسألة في باب (بين)، كما لم يورد استطراده بذكر لفظة (أحد) في بابها ؛ وهو في ذلك محق، فما أورده الحريري يمكن التخفف منه في التهذيب، كما أن ما ورد حول لفظة (أحد) ليس من قبيل الصواب والخطأ، الذي هو موضوع الكتاب، وإنما هو مجرد استشهاد لتقريب المعنى: وإذاكان الحريري قد ذكر علة دخول تاء التأنيث في (فعول) بمعنى (مفعول) وامتناعه من دخولها في (فعول) بمعنى (فاعل)، فإن ابن منظور قد ذكر المسألة والشاهد عليها من الشعر، وحذف ذلك التعليل مكتفيا بقوله: 4 وذكر النحاة في امتناع الهاء من هذه الصفات عللا هي مذكورة في كتبهم2 (1) .
ومن اللافت للنظر في منهج ابن منظور، أن التهذيب عنده لا يتوقف عند حدود الترتيب والتلخيص، واختيار ما ينبغي أن يذكر أو يحذف في كل مسألة، حيث نجد بصمات متفرقة لابن منظور في التهذيب، من ذلك أنه لايلزم نفسه بالنقل من الكتاب حرفا حرفا، وذلك واضح في طول الكتاب، ونجده أحيانا ينسب بعضامما لم ينسبه الحريري من الشواهد في الدرة، نقلا عن ابن بري أو غيره، من ذلك ما ورد في مادة (توث):1) قلت: قال ابن بري إن أبا حنيفة الدينوري ذكره بالثاء المثلثة، و أنشد لمحبوب بن أبي العشئط النهشلي: [البسيط] (1) قارن بين مواد (لجج)، و(شكر)، و(صبر)، و(خون) وبين ما أورده الحريري في الدرة (و) ص 68، والدرة (ض) 150، والدرة (ك) 112. ونظير ذلك حذفه تعليل تصغير (عقرب) على (عقيرب)، قارن بين مادة عقرب) في التهذيب وبين ما ورد في الدرة (و) ص 41، والدرة (ض) 92، والدرة (ك) 69.
4
Shafi 46