ومتى قيل: ما وجه تشبيه المنافقين بالصيب على ما ذكر تعالى؟.
قلنا: قيل: فيه وجوه: أولها: أن المطر المنزل مشبه بالقرآن المنزل، وما فيه من الظلمات بما في القرآن من الابتلاء، وما فيه من الرعد بما في القرآن من الزجر، وما فيه من البرق بما في القرآن من البيان الذي ينتفع به المنافق بإظهار الإيمان، وما فيه من الصواعق بما في القرآن من الوعد والوعيد في الآجل، والدعاء إلى القتال في العاجل، عن ابن عباس.
وثانيها: أن الصيب الغيث، وفيه الحياة مشبهة بالإسلام؛ لأن به الحياة، وشبه ما فيه من الظلمات بما في إسلامهم من إبطان الكفر، وما فيه من الرعد بما في الإسلام من فرض الجهاد وخوف القتل، وما فيه من البرق بما في إظهار الإسلام من حقن الدماء وإجراء الأحكام، ومن الإرث والنكاح والدفن، وما فيه من الصواعق بما في الإسلام من الزواجر بالعقاب في العاجل والآجل، ومعنى هذا مروي عن الحسن، وتقديره: مثل إسلام المتافقين كمثل صيب هذا وصفه، وقيل: مثل تصديقهم بالقرآن كصيب هذا وصفه.
وثالثها: مثل هؤلاء المنافقين كمثل قوم أصابهم صيب، وحصلوا في ظلمات ورعد وبرق حتى جعلوا أصابعهم في آذانهم مخافة أن تنالهم الصاعقة، فتهلكهم فيجعلون أصابعهم في آذنهم كيلا يسمعوا منها شيئا، كذلك هذا الجاهل ينفر عن سماع القرآن والحق، وإذا سمع شيئا من ذلك يخاف أن يظهر عليه شيء فيقتل.
وقيل: الظلمات: الفتنة، والنور: الإيمان، أي كلما رأوا بلاء وفتنة فارقوا الإسلام.
Shafi 274