وأقيموا الصلاة يعني أديموها وأدوها بتمامها وآتوا الزكاة يعني أعطوا زكاة أموالكم، وقيل: كان زكاة أموالهم قربانا تنزل نار من السماء فيحرقه، عن ابن عباس. ثم توليتم أي أعرضتم إلا قليلا منكم قيل: إنه خطاب لمن كان في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - من اليهود، يعني أعرضتم بعد ظهور المعجزات كإعراض أسلافكم، وقيل: إنه خطاب لأسلافهم المذكورين في أول الآية وأنتم معرضون قيل: عما أخذ عليهم من الميثاق، وقيل: من القبول والاستماع، وقيل: عن العمل بذلك، وكل متقارب، وإنما جمع بين التولي والإعراض وإن كان معناهما واحدا قيل: تأكيدا، عن أبي مسلم، وقيل: تولوا أعرضوا، أي فعلوا الإعراض (وهم معرضون)
أي استمروا على ذلك.
* * *
(الأحكام)
الآية تدل على ترتيب الحقوق، فحق الله تعالى مقدم على كل حق؛ لأنه الخالق المنعم، ثم للوالدين مزية لكونهما سببا لكونه، وتربيتهما إياه، فثنى بذكرهما، ثم ذكر ذوي القربى لأنهم أقرب إليه، ثم اليتامى لضعفهم، ثم الفقراء لفقرهم.
وتدل على وجوب حق هؤلاء لأن أخذ الميثاق به فاقترانه بعبادته يدل على ذلك.
ومتى قيل: فما ذلك الحق ؟
قلنا: إنها في الجملة تدل على وجوب الإحسان إليهم، ثم كيفيته، وتفصيله موقوف على الدليل، فمرة يكون بوجوب النفقة، ومرة بغيره.
وتدل على وجوب حقهما، وإن كانا كافرين لأنه عام، ولأن وجوب الحق لكونهما والدين، والكفر لا يمنع من ذلك، ولا خلاف أن نفقة الوالدين تجب مع الكفر، فأما نفقة ذوي الرحم المحرم فلا تجب مع الكفر، وإنما تجب عند اتفاق الدين.
ومتى قيل: ما الذي يجب للوالدين عند اتفاق الدين؟
قلنا: البر والتعظيم، فأما النفقة والمصاحبة بالمعروف فتجب في الحالين، والآية تدل عليه، فتدل على وجوب حق ذوي القربى لتميزهم من الأجانب، واختلفوا في نفقتهم، فعند أبي حنيفة تجب، وقال الشافعي: لا تجب.
وتدل على وجوب حق اليتامى والمساكين، وهو ما يسد خلتهم.
Shafi 467