لما تقدم ذكر الوعيد أعقبه بذكر الوعد، فقال تعالى: والذين آمنوا قيل: صدقوا، وقيل: عملوا خصال الإيمان، والأول أوجه؛ لأنه عطف عليه وعملوا الصالحات يعني الطاعات.
ويقال: لم ذكر العمل الصالح، وهو داخل في الإيمان؟
قلنا: على المعنى الأول - أنه التصديق - السؤال زائل، وعلى المعنى الثاني: جمع بين الصفتين ليدل على أنهم لم يضموا إلى الإيمان عمل الفساد؛ لأنه يقال: مؤمن في الظاهر، ومؤمن في الحكم، فأزال الإشكال، وبالغ في الوصف أولئك أصحاب الجنة يعني: يصحبونها ويلازمونها بالسكون فيها هم فيها خالدون أي دائمون.
* * *
(الأحكام)
الآية تدل على أن الجنة تستحق بالعمل الصالح، فيبطل قول من يقول: لا اعتبار بالعمل، والثواب والعقاب ليس بجزاء على الأعمال.
وتدل على أن الجنة وثوابها تنال بالأعمال الصالحة مع الأنبياء، خلاف قول المرجئة: إنها تنال مع المعاصي والإخلال بالواجبات، وخلاف قول المجبرة: إنها تنال من غير طاعة.
وتدل على أن نعيم الجنة دائم، فيبطل قول من يجوز انقطاعها.
وتدل على أن الخلود عبارة عن الدوام، فيبطل قول المرجئة : إنه عبارة عن غير الدوام.
ويقال: هل يلزم من أجاز الاستثناء في الوعيد أن يجيزه في الوعد؟
قلنا: نعم؛ لأنه خبر كالوعيد، وذلك يؤدي إلى بطلان جميع دلالات القرآن؛ لتجويز التخصيص من غير دليل.
Shafi 461