الحاكم على عمان في تلك الفترة؛ فقد كان واليه على الرستاق، وهو طالب بن الإمام أحمد بن سعيد ، شديد القسوة على الشيخ جاعد وأسرته، فحدثت بهذا أحداث جليلة، كان وقعها صعبا على هؤلاء الضعفاء سلطة .
فمن أبرز ما وقع سقوط أكبر أبناء الشيخ جاعد - وهو نبهان - قتيلا على يد أعدائه المتربصين به، ونحوها من الوقائع التي تجد تفصيلها في التحفة.
فهذه الأحداث التي عاشها الشيخ ناصر، زودته بخبرة حياتية ليست بالبسيطة، مكنته فيما بعد من التصرف المناسب في مثل هذه الظروف، وهذا ما سنراه في الفترة الثانية من حياته .
الفترة الثانية:
وهي الفترة التي كثر فيها تنقل وتردد الشيخ في بعض المناطق ؛ فالشيخ ناصر بعد وفاة أبيه عام 1237ه، زادت عليه المضايقات هو وأخوته ، فآل به الأمر أن يترك العش الذي درج فيه ليرحل بعيدا عن مسقط رأسه، فرحل إلى نزوى مهاجرا بنفسه فحسب، فبقي بها فترة تزيد على السنة ، ولم تكن الحالة هناك بالمريحة ، إلا أنها لعلها كانت أخف من الناحية السياسية؛ وقد ارتاح فيها إلى أحد العلماء الموجودين فيها ، وهو الشيخ علي بن سليمان العزري، حيث قال فيه الشيخ ناصر : "وأما أفضل من فيها - يقصد نزوى - فالشيخ العالم الورع الثقة السميدع الضرير علي بن سليمان العزري..." (¬1) .
وبالنسبة للحالة الاقتصادية: فقد قضمه فك الفقر في هذه الفترة، حتى بلغ به الحد أنه استمر لمدة سنة يأكل الخبر بالماء والليمون والملح والقاشع (نوع من السمك يكون مجففا رخيص الثمن) ولا شيء عنده غيره، وقد قال بنفسه في ذلك:
... معيشتنا خبز لغالب ... قوتنا ... وماء وليمون وملح ... وقاشع
... فإن حصلت مع صحة الجسم ... والتقى فيا حبذا هذا بما هو ... قانع (¬2)
وهي لعمرو الله نبرة المؤمن الراضي بقضاء الله وقدره، المتوكل على ربه حق توكله.
¬__________
(¬1) تحفة الأعيان، مرجع سابق، 2/220.
(¬2) تحفة الأعيان، مرجع سابق، 2/ 229.
Shafi 8