وعن أبي هريرة قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين الصلاتين بالمدينة من غير خوف . وقال ابن مسعود: جمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، فقيل له في ذلك فقال: ((صنعت ذلك لكي لا تحرج أمتي )) ، وروي عن ابن عمر مثل حديث ابن عباس، وبناء على ما سبق من الأدلة في جواز الجمع، فلا يجوز التشنيع والاعتراض على من جمع؛ لأن الحجة في جواز أمر أو عدمه هي ما ثبت عن الشارع، وقد ثبت عنه أنه جمع. وبعد ذلك فلا حاجة لتأويل من يتأول من غير ضرورة إلى ذلك، كمن يقول: إنما جمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جمعا صوريا. فيقال له: لقد جمع المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم يوم عرفه بين الظهر والعصر في أول وقت الظهر، وجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة في وقت العشاء بعد ذهاب جزء من الليل، فهذا هو الجمع المعهود والمعروف، ومن ادعى غيره فعليه البينة الصحيحة، وقد استوفى صاحب الروض النضير كلام العلماء من أهل السنة في الرد على من زعم أن الجمع صوري.
قال الحسن بن يحيى -عليهما السلام: والجمع بين الصلاتين رخصة فسحها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لئلا تبطل صلاة أمته، وأحب الأمور إلينا إذا كنا في الحضر أن نلتزم الأوقات التي نزل بها جبريل عليه السلام وإن صلى مصل في الأوقات التي فسحها رسول الله في السفر والحضر لم يضيق عليه في ذلك، لما وسع رسول الله .
فائدة: ومن جمع بين الصلاتين كفاه أذان واحد وإقامتين، كما فعل رسول الله في عرفات والمزدلفة، حيث روى عنه أنه جمع بين الظهر والعصر في عرفات، وفي المزدلفة بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ويجوز النفل بين الصلاتين وتركه، وأما سنة الفجر والمغرب والوتر فلم يتركهن صلى الله عليه وآله وسلم في حضر ولا سفر.
Shafi 60