الفاعل وأوجده الموجد.
ولإشكال هذا زعموا: افترق المتكلمون في التقصي عن هذا أربع فرق وكل فرقة اقتحمت محالًا.
قول المعتزلة بخلق الفناء ..
أما المعتزلة فإنهم قالوا: فعله الصادر منه موجود وهو الفناء، يخلقه لا في محل فينعدم كل العالم دفعة واحدة، وينعدم الفناء المخلوق بنفسه حتى لا يحتاج إلى فناء آخر، فيتسلسل إلى غير نهاية. وهو فاسد من وجوده أحدها أن الفناء ليس موجودًا معقولًا حتى يقدر خلقه، ثم إن كان موجودًا فلم ينعدم بنفسه من غير معدم، ثم لم يعدم العالم فإنه إن خلق في ذات العالم وحل فيه فهو محال لأن الحال يلاقي المحلول، فيجتمعان ولو في لحظة، فإذا جاز اجتماعهما لم يكن ضدًا فلم يفنه. وإن خلقه لا في العالم ولا في محل فمن أين يضاد وجوده وجود العالم؟ ثم في هذا المذهب شناعة أخرى وهو أن الله لا يقدر على إعدام بعض جواهر العالم دون بعض، بل لا يقدر إلا على إحداث فناء يعدم العالم كله، لأنها إذا لم تكن في محل كان نسبتها إلى الكل على وتيرة.
وقول الكرامية بإحداث الإعدام في الذات ..
الفرقة الثانية الكرامية حيث قالوا: إن فعله الإعدام، والإعدام عبارة عن موجود يحدثه في ذاته تعالى عن قولهم فيصير العالم به معدومًا. وكذلك الوجود عندهم بإيجاد يحدثه في ذاته فيصير الموجود به موجودًا. وهذا أيضًا فاسد إذ فيه كون القديم محل الحوادث، ثم خروج عن المعقول إذ لا يعقل من الإيجاد إلا وجود منسوب إلى إرادة وقدرة. فإثبات شيء آخر سوى الإرادة والقدرة ووجود المقدور وهو العالم لا يعقل، وكذى الإعدام.
1 / 129