[192] وهذا كله وضع فاسد فان الفلاسفة لا يعتقدون ان الجسم باسره يصدر عن مفارق وان صدر عندهم فانما يصدر الصورة الجوهرية ومقادير اجزائها عندهم تابعة للصور لكن هذا كله عندهم فى الصور الهيولانية والاجرام السماوية عندهم من حيث هى بسيطة لا تقبل الصغر والكبر ثم وضع الصورة والمادة صادرتين عن مبدأ مفارق خارج عن اصولهم وبعيدا جدا والفاعل بالحقيقة عند الفلاسفة الذى فى الكائنات الفاسدات ليس يفعل الصورة ولا الهيولى وانما يفعل من الهيولى والصورة المركب منهما جميعا اعنى المركب من الهيولى والصورة لانه لو كان الفاعل يفعل الصورة فى الهيولى لكان يفعلها فى شىء من لا شىء وهذا كله ليس رأيا للفلاسفة فلا معنى لرده على انه رأى الفلاسفة
[193] قال ابو حامد مجيبا عن الفلاسفة فان قيل سببه انه لو كان اكبر منه لكان مستغنى عنه فى تحصيل النظام الكلى ولو كان أصغر منه لم يصلح للنظام المقصود
[194] قلت يريد بهذا القول ان الفلاسفة ليس يرون ان جرم الفلك مثلا جائز ان يكون اكبر او اصغر مما هو عليه لانه لو كان باحد الوصفين لم يحصل النظام المقصود ههنا ولا كان تحريكه لما ههنا تحريكا طبيعيا بل كان اما زائدا على هذا التحريك واما ناقصا وكلاهما يقتضى فساد الموجودات ههنا لا أن الكبر كان يكون فضلا كما قال ابو حامد بل الكبر والصغر كلاهما كانا يقتضيان فساد العالم عندهما
[195] قال ابو حامد رادا على الفلاسفة فنقول وتعين جهة النظام هل هو كاف فى وجود ما به النظام أم يفتقر الى علة موجدة فان كان كافيا فقد استغنيتم عن وضع العلل فاحكموا بان كون النظام فى هذه الموجودات اقتضى هذه الموجودات بلا علة زائدة وان كان ذلك لا يكفى بل افتقر الى علة فذلك ايضا لا يكفى للاختصاص بالمقادير بل يحتاج ايضا الى علة التركيب
Shafi 241