84

Tafsirin Wasit

الوسيط في تفسير القرآن الكريم

Mai Buga Littafi

دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع

Lambar Fassara

الأولى

Inda aka buga

الفجالة - القاهرة

Nau'ikan

وبعد أن عدد القرآن مساوئ أولئك الضالين، وبين سوء مصيرهم، ومآلهم، وجه إليهم الإنكار والتوبيخ فخاطبهم بقوله: [سورة البقرة (٢): الآيات ٢٨ الى ٢٩] كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتًا فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٨) هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٩) كَيْفَ اسم استفهام للسؤال عن الأحوال، وليس المراد به هنا استعلام المخاطبين عن حال كفرهم، وإنما المراد منه معنى تكثر تأديته في صورة الاستفهام وهو الإنكار والتوبيخ، كما تقول لشخص: كيف تؤذى أباك وقد رباك؟ لا تقصد إلا أن تنكر عليه أذيته لأبيه وتوبيخه عليها. وفي الآية الكريمة التفات من الغيبة إلى الخطاب لزيادة تقريعهم والتعجب من أحوالهم الغريبة، لأنهم معهم ما يدعو إلى الإيمان ومع ذلك فهم منصرفون إلى الكفر. وقوله: وَكُنْتُمْ أَمْواتًا فَأَحْياكُمْ جار مجرى التنبيه على أن كفرهم ناشئ عن جهل وعدم تأمل في أدلة الإيمان القائمة أمام أعينهم. والأموات: جمع ميت بمعنى المعدوم. والإحياء: بمعنى الخلق. والمعنى: كيف تكفرون بالله وحالكم أنكم كنتم معدومين فخلقكم، وأخرجكم إلى الوجود كما قال- تعالى-: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا. ويصح أن يفسر الأموات بمعنى فاقدى الحياة. والإحياء بنفخ الروح فيهم فيكون المعنى: وكنتم أمواتا يوم استقراركم نطفا في الأرحام إلى تمام الأطوار بعدها، فنفخ فيكم الأرواح وأصبحتم في طور إحساس وحركة وتفكير وبيان. وبعد أن وبخهم على كفرهم بمن أخرجهم من الموت إلى الحياة، أورد جملا لاستيفاء الأطوار التي ينتقل فيها الإنسان من مبدأ الحياة إلى مقره الخالد في دار نعيم أو عذاب فقال: ثُمَّ

1 / 88