الأم (أيضًا): باب (إبطال الاستحسان):
قال الشَّافِعِي ﵀: فإن قيل فبم يتوجه إلى البيت؟
قيل: قال اللَّه تعالى:
(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ)
وقال: (وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (١٦) .
وكانت العلامات جبالًا يعرفون مواضعها من الأرض، وشمسًا، وقمرًا، ونجمًا مما يعرفون من الفَلَكِ، ورياحًا يعرفون مهابها على الهواء، تدل على قصد البيت الحرام، فجعل عليهم طلب الدلائل على شطر المسجد الحرام فقال: (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) الآية.
وكان معقولًا عن اللَّه ﷿ أن يأمرهم بتولية وجوههم شطره، بطلب الدلائل عليه، لا بما استحسنوا، ولا بما سنح في قلوبهم، ولا خطر على أوهامهم بلا دلالة جعلها اللَّه لهم، لأنه قضى ألَّا يتركهم سدى، وكان معقولًا عنه لأنَّه إذا أمرهم أن يتوجهوا شطره، وغيب عنهم عينه، أن لم يجعل لهم أن يتوجهوا حيث شاؤوا لا قاصدين له بطلب الدلالة عليه.
الرسالة: باب (كيف البيان؟):
وقال سبحانه: (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ) الآية.
1 / 237