أما النبات كله فيحتاج إلى أربعة أشياء (وكذلك الحيوان يحتاج): إلى بذر محدود، ومكان ملائم له، وماء معتدل، وهواء ساكن متشاكل. فاذا كانت الأربعة تامة، نشأ النبات وكبر؛ وإن اختلفت ضعف النبات على قدر اختلافها. أما النبات الذى يعرض فى الجبال العالية: فما كان منه عقارا كان أقبل وأنجح فى العلاج، وما كان منه ثمرا كان أبطأ فى الانهضام وليس بكثير الغذاء. وأما المواضع البعيدة من الشمس فليست بكثيرة النبات، وكذلك الحيوان وذلك أن الشمس تدوم لطول الأيام فى تباعد الشمس فتنشف تلك الرطوبة، فلا يكون من القوة ما يورق ويزهر. — أما النبات الذى يعرض فى مواضع المياه فان الماء إذا وقف على الأرض ولم يكن للهواء من القوة ما يلطف أجزاء الماء فانحقن الهواء فى باطن الأرض ومنعه غلظ الماء أن يصعد فهاج فى ذلك الموضع ريح فانشقت الأرض وبان الهواء المحتقن وعقدت الريح تلك الرطوبة فكان منه نبات الأجرام. وليس يكاد يختلف فى الشكل لدوام الماء وغلظه وحرارة الشمس من فوق. وأما النبات الذى يكون فى المواضع الندية فانه يظهر على بسيط الأرض شبيها بالخضرة فنقول إن فى ذلك الموضع تخلخلا يسيرا. فاذا وقفت الشمس جذبت تلك النداوة وسخن الموضع بالحركة الحادثة والحرارة المحتقنة فى بطن الأرض، فلم يكن النبات من المواد ما يكبر وأعانته الرطوبة بانبساطها، فيرى على بسيط الأرض كالثوب الأخضر وليس له ورق. إلا أنه ينبت من جنس النبت الذى يظهر على بسيط الماء، وهذا ا ٔقل مقدارا من ذلك لأنه يقرب من جنس الأرض فلا يعلو ولا يمتد. — وقد يعرض فى النبات نبات آخر من غير شكله لا أصل له يتحرك على النبات، وذلك أن النبات الكثير الشوك اللزج المائية إذا تحرك انفسخت أجزاؤه، وتجذب الشمس تلك العفونات وتطبخ الحشيشة بطبيعتها ذلك الموضع المتعفن وتعين الشمس بحرارتها المعتدلة، فينشأ هذا النبات مثل الخيوط ويمتد على ذلك النبات، وهذا خاصة فى النبات الكثير الشوك مثل الكشوث وأشباهه.
فأما جميع الحشائش كلها وجميع ما ينبت على الأرض وفى الأرض فأقسامها خمسة: أحدها بالبزور، والثانى من المتعفن، والثالث من رطوبة الماء، والرابع غرس، والخامس ينشأ على عقار آخر. وهذه الخمسة أصول للنبات.
[chapter 7]
Shafi 274