189

Tafsirin Sauƙaƙe

التفسير الميسر لسعيد الكندي

Nau'ikan

فبما رحمة من الله لنت لهم} «ما» مزيدة للتوكيد والدلالة على أن اللينة (¬1) لهم ما كان إلا برحمة من الله، ومعنى الرحمة ربطه على جأشه وتوفيقه للرفق والتلطف بهم. {ولو كنت فظا} جافيا، {غليظ القلب} قاسيه، {لانفضوا من حولك} لتفرقوا عنك، حتى لا يبقى حولك أحد منهم؛ {فاعف عنهم} ما كان منهم مما يختص بك، {واستغفر لهم} فيما يختص بحق الله إذا تابوا، إتماما للشفقة عليهم، {وشاورهم في الأمر} في أمر الحرب ونحوه، مما لم ينزل عليك فيه وحي، تطيبا لنفوسهم وترويحا لقلوبهم ورفعا لأقدارهم، وكشفا للآراء الصائبة، وهضما للنفس على الاستبداد، وطلبا لعلم ما لم يعلمه الله، [و]في الحديث: «ما تشاور قوم قط، إلا هدوا لأرشد أمرهم» (¬2) . وعن أبي هريرة: «ما رأيت أحدا أكثر مشاورة من الصحابة»؛ ومعنى شاورت فلانا: أظهرت ما عندي وما عنده من الرأي، وفيه دلالة على جواز الاجتهاد، وبيان أن القياس حجة، وعلى أن الإحاطة بالعلم محال، وكل واحد من الخلق يخصه بعلم لم يخص به الآخر، وإن كان أفضل منه وأعلم منه بغيره. {فإذا عزمت} فإذا قطعت الرأي على شيء بعد الشورى، {فتوكل على الله} في إمضاء أمرك على الأرشد، لا على المشورة. {إن الله يحب المتوكلين(159)} عليه، والتوكل: الاعتماد على الله، وتفويض الأمر إليه. وقال ذو النون: «خلع الأرباب، وقطع الأسباب».

{

¬__________

(¬1) - ... في الأصل: «النيه».

(¬2) - ... لم نعثر عليه عند الربيع ولا في الكتب التسعة.

Shafi 189