Tafsirin Mizani
تفسير الميزان - العلامة الطباطبائي
Nau'ikan
والشاكر والعليم اسمان من أسماء الله الحسنى، والشكر هو مقابلة من أحسن إليه إحسان المحسن بإظهاره لسانا أو عملا كمن ينعم إليه المنعم بالمال فيجازيه بالثناء الجميل الدال على نعمته أو باستعمال المال في ما يرتضيه، ويكشف عن إنعامه، والله سبحانه وإن كان محسنا قديم الإحسان ومنه كل الإحسان لا يد لأحد عنده حتى يستوجبه الشكر إلا أنه جل ثناؤه عد الأعمال الصالحة التي هي في الحقيقة إحسانه إلى عباده إحسانا من العبد إليه، فجازاه بالشكر والإحسان وهو إحسان على إحسان قال تعالى: "هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ": الرحمن - 60، وقال تعالى: "إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا": الدهر - 22، فإطلاق الشاكر عليه تعالى على حقيقة معنى الكلمة من غير مجاز.
بحث روائي
في تفسير العياشي،: عن بعض أصحابنا عن الصادق (عليه السلام): سألته: عن السعي بين الصفا والمروة فريضة هي أم سنة؟ قال: فريضة، قلت: أليس الله يقول: فلا جناح عليه أن يطوف بهما؟ قال: كان ذلك في عمرة القضاء، وذلك أن رسول الله كان شرط عليهم أن يرفعوا الأصنام فتشاغل رجل من أصحابه حتى أعيدت الأصنام قال: فأنزل الله، إن الصفا والمروة من شعائر الله - فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما، أي والأصنام عليها: أقول: وعن الكافي، ما يقرب منه.
وفي الكافي، أيضا عن الصادق (عليه السلام): في حديث حج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): بعد ما طاف بالبيت وصلى ركعتيه قال: (صلى الله عليه وآله وسلم) إن الصفا والمروة من شعائر الله فابدأ بما بدأ الله عز وجل، وإن المسلمين كانوا يظنون أن السعي بين الصفا والمروة شيء صنعه المشركون فأنزل الله إن الصفا والمروة من شعائر الله - فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما.
أقول: ولا تنافي بين الروايتين في شأن النزول، وهو ظاهر، وقوله (عليه السلام) في الرواية فابدأ بما بدأ الله ملاك التشريع، وقد مضى في حديث هاجر وسعيها سبع مرات بين الصفا والمروة أن السنة جرت بذلك.
وفي الدر المنثور،: عن عامر الشعبي قال: كان وثن بالصفا يدعى إساف، ووثن بالمروة يدعى نائلة فكان أهل الجاهلية إذا طافوا بالبيت يسعون بينهما ويمسحون الوثنين فلما قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قالوا: يا رسول الله إن الصفا والمروة إنما كان يطاف بهما من أجل الوثنين، وليس الطواف بهما من الشعائر، فأنزل الله: إن الصفا والمروة الآية فذكر الصفا من أجل الوثن الذي كان عليه، وأثبت المروة من جهة الصنم الذي كان عليه موثبا.
أقول: وقد روى الفريقان في المعاني السابقة روايات كثيرة.
ومقتضى جميع هذه الروايات أن الآية نزلت في تشريع السعي في سنة حج فيها المسلمون، وسورة البقرة أول سورة نزلت بالمدينة، ومن هنا يستنتج أن الآية غير متحدة السياق مع ما قبلها من آيات القبلة فإنها نزلت في السنة الثانية من الهجرة كما تقدم، ومع الآيات التي في مفتتح السورة، فإنها نزلت في السنة الأولى من الهجرة فللآيات سياقات متعددة كثيرة، لا سياق واحد.
Shafi 224