Tafsir Min Wahy Alkur'ani

Mohammad Hussein Fadlallah d. 1431 AH
96

بالمسيرة الإسلامية من بدايتها إلى نهايتها ، ويخطط له مسيرته وحياته من خلال الأحكام الشرعية التي تعرفه كيف يتحرك ، من موقع المسؤولية ، في هدوء واطمئنان ، حركة تعرف نفسها جيدا ، لأنها تعيش الوضوح في الرؤية ، والانسجام مع الهدف.

ولعل القيمة الكبيرة للهدى القرآني هي أنه لا يتجمد عند حدود الذات ليملأها بالإشراق والصفاء ، وتقف الهداية في الداخل فلا تتجاوزه إلى خارج نطاق الذات في حياة الآخرين ، بل هو الهدى الممتد من القلب إلى الحياة ، كمثل الينبوع المتدفق الذي ينطلق ويتفجر ليفيض ويتدفق على الأرض الرحبة الفسيحة ليمنحها الخصب والحياة.

* * *

** الطابع الفريد للهدى القرآني

أما طابع الهدى القرآني فهو فريد من نوعه ، لأنه لا يقف في منطقة الفكر ليشير إلى العقل أن يتفلسف ويحلل ، ويبدع الفكر من موقع الفلسفة والتحليل ، ولكنه يتحرك في أبعاد النفس الإنسانية ليثير فيها الفكر الممزوج بالعاطفة ، والعقل المتحرك بالوجدان ، والروحية المتصلة بالواقعية ، فليس هناك جفاف فكري تشعر معه بأنك تعيش ضمن قوالب جاهزة جامدة تقدم إليك من خارج ذلتك ، بل هناك الحيوية النابضة بالروح التي تنساب في مشاعرك وعواطفك وفكرك ووجدانك ، فتشعر معها بأنك تمارس فكرك من موقع النور المتفجر من أعماقك في رحاب الله ، مما يجعل من قضية الفكر شيئا يشبه العبادة ويصنع الحياة.

* * *

Shafi 105