199

** هو الذي خلق لكم ما في الأرض

( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ) في الآية لفتة إلى جانب النعمة التي لا تجعل عظمة الخلق بعيدة عن حياة الإنسان وحاجاته ، وذلك من خلال ما توحيه كلمة ( لكم ) من تسخير الأرض للإنسان بكل ما فيها من طاقات ظاهرة أو باطنة ، مما يجعل من توجيهه إليها وإلى التفكير فيها عند التفكير في طبيعة الخلق ، حافزا للارتباط بالله ، من خلال شعوره بحاجته المطلقة إليه ، إلى جانب الشعور بعظمته المبدعة. وقد يكون في هذا الأسلوب القرآني الرائع لفتة قرآنية تعطي قضية الإيمان بالله حيوية نابضة تتفجر بالحياة الإنسانية في كل مظاهرها وحاجاتها ، الأمر الذي يبعدها عن الجفاف والجمود الذي يتمثل في أساليب البحث في العقيدة كشيء تجريدي خارج نطاق الحياة العملية للإنسان.

( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ) فقد أراد الله للإنسان أن يعيش على هذه الأرض ، وهيأ له الوسائل المتنوعة التي تتصل بحاجاته الخاصة والعامة في أعماق الأرض وسطوحها وآفاق الفضاء المحيط بها ، ليستطيع الإنسان الحياة عليها من خلال قدرته على إدارته لها في تسخير كل طاقاتها له ، وفي تسخير الكون المطل عليها والمحيط بها ، لرعاية كل أوضاعه. وهكذا ، يؤكد الله أنه أبدع ما في الأرض لأجل الإنسان ؛ تكريما له ، وتأكيدا لقيمته المميزة لديه من بين مخلوقاته. ( ثم استوى إلى السماء ) أي انتهى إليها ، وقد نستفيد من التعبير ب ( ثم ) التي تدل على الترتيب مع التراخي تأخر خلق السماء عن الأرض ، ويمكن أن يكون الترتيب ذكريا حقيقيا ، لأن المراد هو التركيز على طبيعة الخلق لا على الأوقات.

( فسواهن سبع سماوات ) من غير بيان تفصيلي لطبيعة هذه السموات

Shafi 208