232

Tafsir Majmac Bayan

مجمع البيان في تفسير القرآن - الجزء1

Nau'ikan

Tafsiri

(1) - يكون بمعنى ما أي ما كنتم مؤمنين وجاز أن يكون تقديره إن كنتم مؤمنين فبئسما يأمركم به إيمانكم هذا.

المعنى

قوله «وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة» قد فسرناه فيما مضى والفائدة في تكرير هذا وأمثاله التأكيد وإيجاب الحجة عليهم على عادة العرب في مخاطباتها وقيل إنه سبحانه لما عد فضائح اليهود أعاد ذكر رفع الجبل وقيل أنه تعالى إنما ذكر الأول للاعتبار بأخبار من مضى والثاني للاحتجاج عليهم وقوله «واسمعوا» أي اقبلواما سمعتم واعملوا به وأطيعوا الله وقيل معناه اسمعوا ما يتلى عليكم أي استمعوا لتسمعوا وهذا اللفظ يحتمل الاستماع والقبول ولا تنافي بينهما فيحتمل عليهما فكأنه قيل استمعوا لتسمعوا ثم أقبلوا وأطيعوا وبدل عليه أنه قال في الجواب عنهم «قالوا سمعنا وعصينا» وفيه قولان (أحدهما) أنهم قالوا هذا القول في الحقيقة استهزاء ومعناه سمعنا قولك وعصينا أمرك (والثاني) أن حالهم كحال من قال ذلك إذ فعلوا ما دل عليه كما قال الشاعر:

(قالت جناحاه لرجليه ألحقي)

وإن كان الجناح لا يقول ذلك وإنما رجع سبحانه عن لفظ الخطاب إلى الخبر عن الغائب على عادة العرب المألوفة واختلف في هذا الضمير إلى من يعود فقيل إلى اليهود الذين كانوا في عصر النبي ص فإنهم قالوا ذلك ثم رجع إلى حديث أوائلهم فقال «وأشربوا» وقيل إلى اليهود الذين كانوا في عصر موسى ع إذ ردوا عليه قوله وقابلوه بالعصيان وقوله «وأشربوا في قلوبهم» فمعناه دخل قلوبهم حب العجل وإنما عبر عن حب العجل بالشرب دون الأكل لأن شرب الماء يتغلغل في الأعضاء حتى يصل إلى بواطنهاو الطعام يجاوز الأعضاء ولا يتغلغل فيها قال الشاعر:

تغلغل حيث لم يبلغ شراب # ولا حزن ولم يبلغ سرور

وليس المعنى في قوله «وأشربوا» أن غيرهم فعل ذلك بهم بل هم الفاعلون لذلك كما يقول القائل أنسيت ذلك من النسيان وليس يريد أن غيره فعل ذلك به ويقال أوتي فلان علما جما وإن كان هو المكتسب له وقوله «بكفرهم» ليس معناه أنهم أشربوا حب العجل جزاء على كفرهم لأن محبة العجل كفر قبيح والله سبحانه لا يفعل الكفر في العبد لا ابتداء ولا جزاء بل معناه أنهم كفروا بالله تعالى بما أشربوه من محبة العجل وقيل إنما أشرب حب العجل قلوبهم من زينة عندهم ودعاهم إليه كالسامري وشياطين الجن والإنس فقوله «بكفرهم» معناه لاعتقادهم التشبيه وجهلهم بالله تعالى وتجويزهم العبادة لغيره أشربوا

Shafi 318