Tafsir Majmac Bayan
مجمع البيان في تفسير القرآن - الجزء1
Nau'ikan
(1) - النبي ص الغنى غنى النفس وقال ابن زيد أبدل الله اليهود بالعز ذلا وبالنعمة بؤسا وبالرضا عنهم غضبا جزاء لهم بما كفروا بآياته وقتلوا أنبياءه ورسله اعتداء وظلما «وباؤ بغضب من الله» أي رجعوا منصرفين متحملين غضب الله قد وجب عليهم من الله الغضب وحل بهم منه السخط وقال قوم الغضب هو ما حل بهم في الدنيا من البلاء والنقمة بدلا من الرخاء والنعمة وقال آخرون هو ما ينالهم في الآخرة من العقاب على معاصيهم ثم أشار إلى ما تقدم ذكره فقال «ذلك» أي ذلك الغضب وضرب الذلة والمسكنة حل بهم لأجل «أنهم كانوا يكفرون بآيات الله» أي يجحدون حجج الله وبيناته وقيل أراد بآيات الله الإنجيل والقرآن ولذلك قال فباؤ بغضب على غضب الأول لكفرهم بعيسى والإنجيل والثاني لكفرهم بمحمد والقرآن وقيل آيات الله صفة محمد ص وقوله «ويقتلون النبيين بغير الحق» أي بغير جرم كزكريا ويحيى وغيرهما وقوله «بغير الحق» لا يدل على أنه قد يصح أن يقتل النبيون بحق لأن هذا خرج مخرج الصفة لقتلهم وأنه لا يكون إلا ظلما بغير حق كقوله تعالى «ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به» ومعناه أن ذلك لا يمكن أن يكون عليه برهان وكقول الشاعر:
(على لأحب لا يهتدى بمنارة)
ومعناه ليس هناك منار يهتدى به وفي أمثاله كثرة وقوله «ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون» ذلك إشارة إلى ما تقدم أيضا بعصيانهم في قتل الأنبياء وعدوهم السبت وقيل بنقضهم العهد واعتدائهم في قتل الأنبياء والمراد إني فعلت بهم ما فعلت من ذلك بعصيانهم أمري وتجاوزهم حدي إلى ما نهيتهم عنه.
سؤال
إن قيل كيف يجوز التخلية بين الكفار وقتل الأنبياء[فالجواب]إنما جاز ذلك لتنال أنبياء الله سبحانه من رفع المنازل والدرجات ما لا ينالونه بغير القتل وليس ذلك بخذلان لهم كما أن التخلية بين المؤمنين والأولياء والمطيعين وبين قاتليهم ليست بخذلان لهم وقال الحسن أن الله تعالى لم يأمر نبيا بالقتال فقتل فيه وإنما قتل من الأنبياء من قتل في غير قتال والصحيح أن النبي إن كان لم يؤد الشرع الذي أمر بتأديته لم يجز أن يمكن الله سبحانه من قتله لأنه لو مكن من ذلك لأدى إلى أن يكون المكلفون غير مزاحي العلة في التكليف وفيما لهم من الألطاف والمصالح فأما إذا أدى الشرع فحينئذ يجوز أن يخلي الله بينه وبين قاتليه ولم يجب عليه المنع من قتله و روى أبو هريرة عن النبي ص أنه قال اختلفت بنو إسرائيل بعد موسى بخمسمائة سنة حتى كثر فيهم أولاد السبايا واختلفوا بعد عيسى بمائتي سنة.
Shafi 257