وسأذكر لك في إحاطة الكرسي بالأشياء خبرا مذكورا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ذكر عن أبي ذر الغفاري(1) رحمة الله عليه، أنه قال: يا رسول الله، أي آية أنزلها الله تبارك وتعالى عليك أعظم؟ قال: (( آية الكرسي، ثم قال: يا أبا ذر ما السموات والأرض عند الكرسي إلا كحلقة ملقاة في فلاة من الأرض )) فانظر إلى ما ذهب إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يريد أن الكرسي اشتمل على السموات والأض كما اشتملت الأرض على الحلقة الملقاة في جوفها، فدخلت السموات والأرض في الكرسي، كما دخلت الحلقة في الأرض، فبطل كل شيء مما خلق الله عز وجل وهلك، وغاب فذهب، من كل عرش وسماء وأرض، وثبت هذاالكرسي لا غيره، وكان هذا الكرسي من وراء كل شيء، واسعا لكل شيء، فلم يبق عرش ولا مخلوق، ولا سماء ولا أرض، ولا جنة ولا نار، ولا جن ولا إنس ولا ملائكة، ولا هواء، ولا شيء مما خلق الله عز وجل حتى صار داخلا في هذا الكرسي؛ لقول الله سبحانه: {وسع كرسيه السموات والأرض} [البقرة: 255]. فكل شيء مما خلق الله سبحانه فقد أحاطت به السموات والأرض ومابينهما، وهذا الكرسي فقد أحاط بالسموات والأرض وجميع ما فيهما.
Shafi 258