قوله عز وجل: { وإذ قلتم ياموسى لن نصبر على طعام واحد }؛ وذلك أنهم وحموا المن والسلوى وملوهما. قال الحسن: كانوا أناسا أهل كراش؛ كراث؛ وأبصال؛ وأعداس؛ ففزعوا إلى عكرهم عكر السوء؛ واشتاقت طبائعهم إلى ما جرت عليه عاداتهم؛ فقالوا: { لن نصبر على طعام واحد } يعنون به المن والسلوى. وإنما قال: { طعام واحد } وهما اثنان؛ لأن العرب تعبر عن الاثنين بلفظ الواحد؛ وعن الواحد بلفظ الاثنين؛ كقوله تعالى:
يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان
[الرحمن: 22] وإنما يخرج من الملح دون العذب. وقال عبدالرحمن بن يزيد: (كانوا يعجنون المن والسلوى ليصير طعاما واحدا فيأكلونه).
قوله تعالى: { فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثآئها } ، قرأ يحيى بن وثاب وطلحة بن مصرف: (وقثائها) بضم القاف، وهي لغة تميم. قوله تعالى { وفومها }؛ قال ابن عباس: (الفوم: الخبز) تقول العرب: فومو لنا؛ أي اخبزوا لنا. ويقال لسائر الحبوب التي تختبز: الفوم. يقول الرجل لجاريته: فومي؛ أي اختبزي. وقال عطاء: هي الحنطة؛ وهي لغة قديمة. وقال الكلبي: هو الثوم. قال حسان:
وأنتم أناس لئام الأصول
طعامكم الفوم والحوقل
يريد: الثوم والبصل. والعرب تعاقب بين الفاء والثاء. فتقول للحقير: حدث وحدف؛ ودليل هذا التأويل أنها في مصحف عبدالله: (وثومها) بالثاء.
قوله تعالى: { وعدسها وبصلها }؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" عليكم بالعدس فإنه مبارك مقدس؛ وإنه يرق القلب ويكثر الدمع، وإنه بارك فيه سبعون نبيا آخرهم عيسى عليه السلام "
فقال لهم موسى: { قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير }. وفي مصحف أبي: (أتستبدلون الذي هو أدنى) أي أخس وأردى (بالذي هو خير) يعني المن والسلوى. وقوله تعالى: { اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم }؛ معناه إن أبيتم إلا ذلك فاهبطوا مصرا من الأمصار؛ ولو أراد مصرا بعينها لم يصرفه كقوله تعالى:
Shafi da ba'a sani ba