252

Tafsirin Kabir

التفسير الكبير

Nau'ikan

[2.234]

قوله عز وجل: { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا }؛ معناه: إن الذين يموتون منكم ويتركون نساءهم من بعدهم؛ ينتظرون في عدتهن؛ معنى (أربعة أشهر وعشرا) لا يتزوجن ولا يتزين في هذه المدة.

وقوله تعالى: { فإذا بلغن أجلهن }؛ أي إذا انقضت عدتهن؛ { فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف }؛ أي لا حرج عليكم في تركهن بعد انقضاء المدة ليتزين زينة لا ينكر مثلها، ويتزوجن من الأكفاء ويفعلن كل معروف. قوله تعالى: { والله بما تعملون خبير }؛ أي بما تعملون من الخير والشر عالم يجزيكم به.

فإن قيل: (الذين) اسم موصول و(يتوفون) (ويذرون) من صلته، وجملته مبتدأ؛ و(يتربصن) فعل الأزواج لا فعل (الذين) ولا فيه ضمير عائد إلى (الذين)؛ فيبقى المبتدأ بلا خبر، والمبتدأ لا يخلو من خبر اسما كان أو فعلا؛ وليس من ذلك ها هنا شيء؟ قيل: قال أبو العباس السراج: (في الآية ضمير تقديره: أزواجهم يتربصن) لأن الفعل يدل على الفاعل. وقال الأخفش: (تقديره: يتربصن من بعدهم أربعة أشهر) حتى يكون الضمير عائدا إلى (الذين). وذكر الزجاج: أن النون في قوله (يتربصن) قائم مقام الأزواج كناية عنها لا محالة فصار كالتصريح، وهذا كما يقال: الذي يموت ويخلف ابنتين ترثان الثلثين؛ معناه يرث ابنتاه الثلثين.

قوله تعالى: { وعشرا } ظاهر لفظ العشر يتناول الليالي؛ ألا ترى أنه يقال للأيام: عشرة أيام؛ وإنما غلب لفظ التأنيث في الآية فقيل: (عشرا)؛ لأن العرب تقدم الليل على النهار ويعدون أول كل شهر من الليلة؛ ألا تراهم يصلون التراويح إذا رأوا الهلال ويدعونها إذا رأوا هلال شوال. ومن عادتهم أنهم إذا ذكروا أحد العددين على سبيل الجمع أرادوا مثله العدد الآخر؛ كما قال تعالى في قصة زكريا عليه السلام:

قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا

[آل عمران: 41] وقال في موضع آخر:

ثلاث ليال سويا

[مريم: 10] والقصة واحدة، فعبر تارة بالأيام عن الليالي، وتارة بالليالي عن الأيام.

ويقال: الحكمة في تقدير عدة الوفاة بأربعة أشهر وعشر ما روي عن عبدالله بن مسعود أنه قال: [يجمع خلق أحدكم في بطن أمه أربعين يوما نطفة، وأربعين يوما علقة، ثم أربعين يوما مضغة، ثم ينفخ فيه الروح في عشرة أيام، فيكتب أجله ورزقه وأنه شقي أو سعيد]. فيجوز أن الله قدر هذه في عدة الوفاة؛ ليظهر أنها حامل أو حائل.

Shafi da ba'a sani ba