211

Tafsirin Kabir

التفسير الكبير

Nau'ikan

قوله تعالى: { وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم }؛ أي وما تفعلوه من خير من وجوه البر فإن الله به عليم يحصيه ويجازيكم عليه، لا يضيع عنده عمل عامل، فإن قيل: كيف يطابق في هذه الآية جواب هذا السؤال؛ لأن السؤال إنما وقع على المنفق، والجواب إنما وقع على المنفق عليه؟ قيل: إن الجواب مطابق لهذا السؤال؛ لأن قوله: و { مآ أنفقتم من خير } يتناول القليل والكثير لشمول اسم الخير، فكأن الجواب صدر عن القليل والكثير مع بيان من تصرف إليه النفقة؛ لأن المسؤول إذا كان حكيما يعلم ما يحتاج إليه السائل؛ أجاب عن كل ما يحتاج إليه، كما

" روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن ماء البحر؛ فقال: " هو الطهور ماؤه؛ الحل ميتته "

وإنما قال ذلك لأنه علم أنهم لما جهلوا حكم ماء البحر، فإنهم أشد جهلا بحكم ما فيه من المأكول، كذلك هؤلاء لما جهلوا المنفق كان جهلهم بالمنفق عليهم أكثر؛ فلهذا ذكر الله المنفق عليهم مع ذكر المنفق.

واختلفوا في هذه النفقة المذكورة؛ هل هي واجبة أم لا؟ قال الحسن: (المراد بها التطوع على من لا يجوز وضع الزكاة فيه كالوالدين والمولودين؛ ووضع الزكاة فيمن يجوز وضعها فيهم). وقال السدي: (هذه الآية منسوخة بآية الزكاة). والصحيح أنها ثابتة الحكم عامة في الفرض والتطوع؛ لأن الآية متى أمكن استعمالها لم يجز الحكم بنسخها، ويحتمل أن يكون المراد بها النفقة على الوالدين والأقربين إذا كانوا محتاجين.

[2.216]

قوله تعالى: { كتب عليكم القتال وهو كره لكم }؛ قال ابن ".... ": (لما كتب الله الجهاد على المسلمين شق ذلك عليهم، وكرهته نفوسهم، وقبلته قلوبهم، وأحب الله تعالى أن يطيب نفوسهم بهذه الآية).

وقيل في وجه اتصالها بما قبلها: أن ما قبلها ذكر التعبد بالنفقة التي تشق على البدن، وفي هذه الآية ذكر ما لا شيء في التعبد أشق منه وهو القتال. ومعنى الآية: فرض عليكم القتال وهو شاق عليكم، وأراد بالكراهة كراهة الطبع لا عدم الرضا بالأمر ، وهذا كما يكره الإنسان الصوم بالصيف من جهة الطبع، وهو مع ذلك يحبه ويرضاه من حيث إن الله أمره به.

قوله تعالى: { وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم }؛ أي لعلكم تكرهون الجهاد وهو خير لكم لما فيه من النصر لدين الله تعالى على أعداء الله؛ والفوز بالغنيمة مع عظم المثوبة، وإدراك محل الشهداء { وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم } أي لعلكم تحبون القعود عن الجهاد وهو شر لكم، تحرمون الفتح والغنيمة والشهادة، ويتسلط عليكم العدو.

قوله تعالى: { والله يعلم وأنتم لا تعلمون }؛ أي يعلم ما فيه مصلحتكم وما هو خير في عاقبة أموركم وأنتم لا تعلمون ذلك، فبادروا إلى ما أمرتم به إذ ليس كل ما تشتهون خيرا، ولا كل ما تحذرون شرا.

وفي هذه الآية دلالة على فرض القتال كما قال تعالى:

Shafi da ba'a sani ba