185

Tafsirin Kabir

التفسير الكبير

Nau'ikan

والهدي في اللغة : اسم لما يهدى إلى البيت؛ وهو جمع هدية كما يقال: جدي وجدية. وعن عائشة وابن عمر أنهما قالا: (إن الهدي إنما يكون بقرة أو بدنة). وفائدة قوله: { فما استيسر } على هذا القول التخير بين أعيان الإبل والبقر، ولا يجوز من كل شيء إلا الشيء فصاعدا، إلا الجذع من الضأن فإنه يجزي على ما ورد في الأضحية؛ وهو ما مضى له ستة أشهر. والثني: البالغ من كل شيء؛ وهو عند الفقهاء في الغنم ما له سنة؛ وفي البقر ما له سنتان؛ وفي الإبل ما له خمس سنين.

واختلفوا في المذكور في قوله { حتى يبلغ الهدي محله } قال ابن مسعود وابن عباس؛ وعطاء وطاووس ومجاهد: (محله: منحره؛ وهو الحرم) وقال مالك والشافعي: (محله: الموضع أحصر فيه؛ فيكون المعنى حتى يبلغ الهدي محله؛ أي ينحر الهدي فيحل أكله).

وظاهر الآية تقتضي أن (يبلغ الهدي) بعد الإحصار مبلغا لم يكن بالغا قبل ذلك؛ ولو كان موضع الإحصار محلا للهدي لكان بالغا محله لوقوع الإحصار، وأدى ذلك إلى بطلان الغاية المذكورة في الآية.

وأما قوله في شأن الحديبية

والهدي معكوفا

[الفتح: 25] أي يبلغ محله فهو حجة في أن المحل هو الحرم؛ وليس في تلك الآية بيان موضع الذبح أنه كان في الحل أو الحرم، فيحتمل أن الهدي كان ممنوعا عن الحرم؛ ولما وقع الصلح أطلقوا الهدي حتى ذبح في الحرم.

وذهب أبو يوسف ومحمد: إلى أن هدي المحصر بالحج مؤقت بيوم النحر؛ وليس في هذه الآية أن المراد بالمحل الزمان؛ لأن قوله تعالى: { فإن أحصرتم } عائد إلى الحج والعمرة المذكورين في أول هذه الآية. ولا خلاف أن هدي المحصر بالعمرة غير مؤقت بيوم النحر، وفي ظاهر قوله تعالى: { ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله } دليل على أن المحصر إذا لم يجد الهدي لا يحل حتى يجد الهدي فيذبح عنه. وقال عطاء: (يصوم عشرة أيام ويحل كالمتمتع إذا لم يجد).

فصل: وإذا لم يصم الثلاثة أيام قبل يوم النحر - أعني المتمتع والقارن - فقد اختلفوا في ذلك؛ فقال عمر وابن عباس وابن جبير: (لا يجزيه إلا الهدي، ولا يحل إلا به). وهو قول أبي حنيفة وأصحابه. وقال ابن عمر وعائشة: (يصوم أيام منى) وهو قول مالك. وقال علي كرم الله وجهه: (يصوم أيام التشريق) وهو قول الشافعي.

والفائدة في قوله: { تلك عشرة كاملة } أنه كان يجوز أن يتوهم متوهم أن البدل لا يلحق بالمبدل في الثواب؛ فبين الله تعالى أنه في الكمال بمنزلة المبدل أن لو فعله. ويقال: إن (الواو) قد جاءت في القرآن بمعنى (أو) التي للتخيير كما في قوله تعالى:

فانكحوا ما طاب لكم من النسآء مثنى وثلث وربع

Shafi da ba'a sani ba