172

Tafsirin Kabir

التفسير الكبير

Nau'ikan

[الأعراف: 189].

وقال أهل المعاني: اللباس: الشعار الذي يلي الجلد من الثياب؛ فسمي كل واحد من الزوجين لباسا؛ لتجردهما عند النوم واجتماعهما في ثوب واحد؛ وانضمام جسد كل واحد منهما إلى جسد صاحبه، حتى يصير كل واحد منهما لصاحبه كالثوب الذي يلبسه. وقال بعضهم: يقال: لما ستر الشيء وواراه لباسا، فجاز أن يكون كل واحد منهما لصاحبه سترا عما لا يحل، كما روي في الخبر

" من تزوج فقد أحرز نصف دينه ".

قوله عز وجل: { علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم }؛ أي علم الله أنكم كنتم تظلمون أنفسكم بمعصيتكم وجماعكم بعد العشاء الأخيرة في ليالي الصوم فتجاوز عنكم ولم يعاقبكم على ذلك وعفا عنكم ذنوبكم. قوله تعالى: { فالآن بشروهن }؛ أي جامعوهن في ليالي الصوم فهو حلال لكم. سميت المجامعة مباشرة؛ لتلاصق بشرة كل واحد منهما لصاحبه.

وقوله تعالى: { وابتغوا ما كتب الله لكم }؛ أي واطلبوا ما قضى الله لكم من الولد. قال مجاهد: (إن لم تلد هذه فهذه). وقال ابن زيد: ((وابتغوا ما كتب الله لكم) أي " ما " أحل لكم من الجماع). وقرأ معاذ بن جبل: (وابتغوا ما كتب الله لكم من الاتباع) يعني ليلة القدر ، وكذلك روى أبو الجوزاء عن ابن عباس. وقرأ الأعمش: (وأتوا ما كتب الله لكم) أي افعلوا.

وأشبه الأقاويل فظاهر الآية في تأويل قوله: (وابتغوا ما كتب الله لكم) قول من تأوله على الولد؛ لأنه عقيب قوله (فباشروهن) وهو أمر بإباحة الطلب وندب كقوله صلى الله عليه وسلم:

" تناكحوا تكثروا، فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة حتى بالسقط ".

وقال أهل الظاهر: هو أمر إيجاب وحتم يدل عليه ما روى أنس بن مالك:

" أن امرأة كان يقال لها الخولاء عطارة أهل المدينة، دخلت على عائشة رضي الله عنها؛ فقالت: يا أم المؤمنين، زوجي فلان أتزين له كل ليلة وأتطيب كأني عروس زفت إليه، فإذا أوى إلى فراشه دخلت في لحافه ألتمس بذلك رضى الله تعالى، فحول وجهه عني أراه قد أبغضني؟ فقالت: اجلسي حتى يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت: فبينما أنا كذلك إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " ما هذه الروائح التي أجدها، هل أتتكم الخولاء؟ ابتعتم منها شيئا؟ " قالت عائشة: لا والله يا رسول الله، فقصت عليه الخولاء قصتها، فقال لها: " اذهبي واسمعي له وأطيعي " فقالت: أفعل يا رسول الله، فما لي من الأجر؟ قال: " ما من امرأة رفعت من بيت زوجها ووضعته تريد الإحسان إلا كتب الله لها حسنة، ومحى عنها سيئة، ورفع لها درجة. وما من امرأة حملت من زوجها حين تحمل إلا كتب الله لها من الأجر مثل القائم ليلة الصيام نهاره والغازي في سبيل الله. وما من امرأة يأتيها طلق إلا كتب الله لها بكل طلقة عتق نسمة؛ وبكل رضعة عتق رقبة. فإذا فطمت ولدها نادى مناد من السماء: أيتها المرأة قد كفيتي بالعمل فيما مضى، فاستأنفي العمل فيما بقي " ".

قالت عائشة: قد أعطي النساء خيرا كثيرا، فما بالكم يا معشر الرجال؛ فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

Shafi da ba'a sani ba