قوله عز وجل: { ولا يكلمهم الله يوم القيامة }؛ أي لا يكلمهم كلاما ينفعهم ويسرهم كما يكلم أولياءه من البشارة والرضا، وأما التهديد فلا بد منه لقوله تعالى:
فوربك لنسألنهم أجمعين
[الحجر: 92]. وقيل: معناه: لا يسمعهم كلام نفسه، بل يرسل إليهم ملائكة العذاب، فيكلمونهم بأمر الله، وإنما أضاف السؤال إلى نفسه؛ لأن سؤال الملائكة بأمره.
قوله تعالى: { ولا يزكيهم }؛ أي لا يطهرهم من دنس ذنوبهم؛ ولا يثني عليهم خيرا؛ ولا يصلح أعمالهم الخبيثة؛ { ولهم عذاب أليم }؛ أي مؤلم.
[2.175]
قوله تعالى: { أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فمآ أصبرهم على النار }؛ أي الذين مالوا إلى التحريف للتوراة والإنجيل هم الذين استبدلوا الكفر بالإيمان، وقوله تعالى { والعذاب بالمغفرة } معناه: أن الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم يوجب المغفرة؛ والكفر به يوجب العذاب؛ فيكون المستبدل للكفر بالإيمان مشتريا للعذاب بالمغفرة.
قوله تعالى: { فمآ أصبرهم على النار } قال الحسن وقتادة والربيع: (والله وما لهم عليها من صبر؛ ولكن ما أجرأهم على العمل الذي يقربهم إلى النار!). وقال الكسائي وقطرب: (ما أصبرهم على عمل أهل النار؛ أي ما أدومهم عليه). وقيل: معناه: ما ألقاهم في النار. وقال عطاء والسدي: (معناه: ما الذي أصبرهم على النار، وأي شيء صبرهم على النار حين تركوا الحق واتبعوا الباطل).
وقيل: هو لفظ استفهام بمعنى التوبيخ لهم والتعجب لنا، كأنه قال: ما أجرأهم على فعل أهل النار مع علمهم. قالوا: وهذه لغة يمانية. وقال الفراء: (أخبرني الكسائي؛ قال: أخبرني قاضي اليمن: أن خصمين اختصما إليه، فوجبت اليمين على أحدهما؛ فحلف، فقال له خصمه: ما أصبرك على الله! أي ما أجرأك على الله).
[2.176]
قوله تعالى: { ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق }؛ أي ذلك العذاب لهم في الآخرة. وقيل: ذلك الضلال { بأن الله نزل الكتاب بالحق } أي بالعذاب والصدق. واختلفوا فيه؛ فحينئذ يكون ذلك في موضع الرفع. وقال بعضهم: هو في محل النصب؛ معناه: فعلنا ذلك بهم؛ بأن الله أو لأن الله نزل الكتاب بالحق فاختلفوا فيه وكفروا به؛ فنزع الخافض.
Shafi da ba'a sani ba