[البقرة: 150] كما أرسلت فيكم رسولا، { منكم } ، فيكون إرسال الرسل مؤذنا بإتمام النعمة. والآية خطاب للعرب؛ أي ولأتم نعمتي عليكم كما ابتدأت النعمة بإرسال رسول منكم إليكم؛ لأن اختياره من العرب نعمة عظيمة وشرف لهم، واستدعاء إلى الإسلام؛ لأنه لو اختاره من العجم لكانت العرب مع عزمها ونجوتها لا تتبعه.
قوله تعالى: { يتلوا عليكم آياتنا } ، يعني القرآن؛ { ويزكيكم }؛ أي يصلحكم بأخذ زكاتكم؛ ويأمركم بأشياء تكونوا بها أزكياء؛ { ويعلمكم الكتاب والحكمة }؛ القرآن والفقه والمواعظ ومعرفة التأويل والسنة؛ { ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون }؛ من الأحكام وشرائع الإسلام وأقاصيص الأنبياء وأخبارهم ما لم تكونوا تعلمون قبل إرساله؛ ونعمتي بهذا الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
[2.152]
قوله عز وجل: { فاذكروني أذكركم }؛ متصل بما قبله؛ أي كما أنعمنا عليكم برسالة رجل؛ أي منكم إليكم فاذكروني. ومعنى الآية: قال ابن عباس: (تذكروني بالطاعة أذكركم بمعونتي). وقال ابن جبير: (معناه اذكروني بطاعتكم أذكركم بمغفرتي). وقال الفضيل: (اذكروني بطاعتي أذكركم بثوابي).
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" من أطاع الله فقد ذكر الله، وإن قل صيامه وصلاته. ومن عصى الله فقد نسي الله وإن كثر صيامه وصلاته وتلاوته القرآن "
وقيل: معناه اذكروني بالتوحيد والإيمان أذكركم بالدرجات والجنان. وقال أبو بكر رضي الله عنه: (كفى بالتوحيد عبادة، وكفى بالجنة ثوابا). وقال ابن كيسان: (معناه اذكروني بالشكر أذكركم بالزيادة). وقيل: اذكروني على ظاهر الأرض أذكركم في بطنها.
وقال الأصمعي: (رأيت أعرابيا واقفا يوم عرفة بعرفات وهو يقول: إلهي عجت إليك الأصوات بضروب اللغات يسألونك الحاجات، وحاجتي إليك أن تذكرني عند البلاء إذا نسيني أهل الدنيا). وقيل: معناه: اذكروني في الدنيا أذكركم في العقبى. وقيل: اذكروني بالطاعات أذكركم بالمعافاة، دليله قوله تعالى:
من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة
[النحل: 97].
Shafi da ba'a sani ba