فلمآ آسفونا انتقمنا منهم
[الزخرف: 55] أي آسفوا نبينا. وقوله تعالى:
الذين يؤذون الله ورسوله
[الأحزاب: 57] أي أولياء الله؛ لأن الله تعالى لا يؤذى ولا يخادع. وقد يكون المفاعلة من واحد كالمسافرة.
فإن قيل: ما وجه مخادعتهم الله؛ وهو لا يخفى عليه شيء؟ وما وجه مخادعة المؤمنين ومخادعة أنفسهم؟ قيل: المخادعة الإخفاء، يقال: انخدعت الضبية في جحرها. والله تعالى لا يخادع في الحقيقة، ولكن أطلق عليه اسم المخادعة لما فعلوا فعل المخادعين. ولو كان يصح لهم خداعهم لقال: يخدعون الله. وقيل: معناه: يخادعون رسول الله.
وأما مخادعة المؤمنين، فإظهارهم لهم الإسلام تقية؛ وقيل: إظهار الإسلام لهم ليكرموهم ويبجلوهم. وقيل: أظهروا لهم ذلك ليفشوا إليهم سرهم فينقلوه إلى أعدائهم . وأما مخادعة أنفسهم فضرر ذلك عليهم. قال الله تعالى: { وما يخدعون إلا أنفسهم }؛ لأن وبال الخداع عائد إلى أنفسهم فكأنهم في الحقيقة إنما يخدعون أنفسهم.
قوله تعالى: { وما يشعرون }؛ أي وما يعلمون أنه كذلك. والشعر: هو العلم الدقيق الذي يكون حادثا من الفطنة؛ وهو من شعار القلب؛ ومنه سمي الشاعر شاعرا لفطنته لما يدق من المعنى والوزن، ومنه الشعر لدقته. ويقال: ما شعرت به؛ أي ما علمت به. وليت شعري ما صنع فلان؛ أي ليت علمي.
واختلف القراء في قوله تعالى: { وما يخدعون } فقرأ نافع؛ وابن كثير؛ وأبو عمرو: (يخادعون) بالألف. وقرأ الباقون: (يخدعون) بغير ألف على أشهر اللغتين وأفصحهما؛ واختاره أبو عبيد. ولا خلاف في الأول أنه بالألف.
[2.10]
قوله عز وجل: { في قلوبهم مرض }؛ أي شك ونفاق، وسمي النفاق مرضا لأنه يهلك صاحبه؛ ولأنه يضطرب في الدين يوالي المؤمنين باللسان؛ والكفار بالقلب؛ فحاله كحال المريض الذي هو مضطرب بين الحياة والموت. وقيل: إن الشك؛ أي بالقول: ألم القلب، والمرض: ألم البدن. فسمي الشك مرضا لما فيه من الهم والحزن. وقيل: سمي النفاق مرضا؛ لأنه يضعف الدين واليقين كالمرض الذي يضعف البدن وينقص قواه؛ ولأنه يؤدي إلى الهلاك بالعذاب كما أن المرض في البدن يؤدي إلى الهلاك بالموت.
Shafi da ba'a sani ba