Tafsir Ibn Atiyyah
تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز
Bincike
عبد السلام عبد الشافي محمد
Mai Buga Littafi
دار الكتب العلمية
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٢٢ هـ
Inda aka buga
بيروت
Nau'ikan
يَشاءُ
، أي كما هديناكم إلى قبلة إبراهيم وشريعته كذلك جعلناكم أمة وسطا، وأُمَّةً مفعول ثان، ووَسَطًا نعت، والأمة القرون من الناس، ووَسَطًا معناه عدولا، روي ذلك عن رسول الله ﷺ، وتظاهرت به عبارة المفسرين، والوسط الخيار والأعلى من الشيء، كما تقول وسط القوم، وواسطة القلادة أنفس حجر فيها، والأمير وسط الجيش، وكقوله تعالى قالَ أَوْسَطُهُمْ [القلم: ٢٨]، والوسط بإسكان السين ظرف مبني على الفتح، وقد جاء متمكنا في بعض الروايات في بيت الفرزدق:
فجاءت بملجوم كأن جبينه ... صلاءة ورس وسطها قد تفلقا
برفع الطاء والضمير عائد على الصلاءة، وروي بفتح الطاء والضمير عائد على الجائية، فإذا قلت حفرت وسط الدار أو وسط الدار فالمعنى مختلف.
قال بعض العلماء: أمة محمد ﷺ لم تغل في الدين كما فعلت اليهود، ولا افترت كالنصارى، فهي متوسطة، فهي أعلاها وخيرها من هذه الجهة، وقول النبي ﷺ: «خير الأمور أوساطها» أي خيارها، وقد يكون العلو والخير في الشيء لما بأنه أنفس جنسه، وأما أن يكون بين الإفراط والتقصير فهو خيار من هذه الجهة وشُهَداءَ جمع شاهد في هذا الموضع.
واختلف المفسرون في المراد ب النَّاسِ في هذا الموضع، فقالت فرقة: هم جميع الجنس، وأمة محمد ﷺ تشهد يوم القيامة للأنبياء على أممهم بالتبليغ، وذلك أن نوحا تناكره أمته في التبليغ، فتقول له أمة محمد نحن نشهد لك، فيشهدون، فيقول الله لهم: كيف شهدتم على ما لم تحضروا؟، فيقولون: أي ربنا جاءنا رسولك ونزل إلينا كتابك فنحن نشهد بما عهدت إلينا وأعلمتنا به، فيقول الله تعالى: صدقتم، وروي في هذا المعنى حديث صحيح عن النبي ﷺ، وروي عنه أن أمته تشهد لكل نبي ناكره قومه، وقال مجاهد: معنى الآية تشهدون لمحمد ﷺ أنه قد بلغ الناس في مدته من اليهود والنصارى والمجوس.
وقالت طائفة: معنى الآية يشهد بعضكم على بعض بعد الموت كما قال رسول الله ﷺ حين مرت به جنازة فأثني عليها بالخير، فقال: وجبت، ثم مر بأخرى، فأثني عليها بشرّ، فقال:
وجبت، يعني الجنة والنار، فسئل عن ذلك، فقال: «أنتم شهداء الله في الأرض»، وروي في بعض الطرق أنه قرأ لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ.
وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا قيل: معناه بأعمالكم يوم القيامة، وقيل: عليكم بمعنى لكم أي يشهد لكم بالإيمان، وقيل: أي يشهد عليكم بالتبليغ إليكم.
وقوله تعالى: وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها الآية، قال قتادة والسدي وعطاء وغيرهم: القبلة هنا بيت المقدس. والمعنى لم نجعلها حين أمرناك بها أولا إلا فتنة لنعلم من يتبعك من العرب الذين إنما يألفون مسجد مكة، أو من اليهود على ما قال الضحاك من أن الأحبار قالوا للنبي ﷺ: إن بيت المقدس هو قبلة الأنبياء، فإن صليت إليه اتبعناك، فأمره الله بالصلاة إليه امتحانا لهم فلم يؤمنوا، وقال
1 / 219