173

Tafsir Ibn Atiyyah

تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

Bincike

عبد السلام عبد الشافي محمد

Mai Buga Littafi

دار الكتب العلمية

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤٢٢ هـ

Inda aka buga

بيروت

Nau'ikan

ويَسْتَفْتِحُونَ معناه أن بني إسرائيل كانوا قبل مبعث النبي ﷺ قد علموا خروجه بما عندهم من صفته وذكر وقته، وظنوا أنه منهم، فكانوا إذا حاربوا الأوس والخزرج فغلبتهم العرب قالوا لهم: لو قد خرج النبي الذي قد أظل وقته لقاتلناكم معه واستنصرنا عليكم به ويَسْتَفْتِحُونَ معناه يستنصرون، وفي الحديث: «كان رسول الله ﷺ يستفتح بصعاليك المهاجرين»، وروي أن قريظة والنضير وجميع يهود الحجاز في ذلك الوقت كانوا يستفتحون على سائر العرب، وبسبب خروج النبي المنتظر كانت نقلتهم إلى الحجاز وسكناهم به، فإنهم كانوا علموا صقع المبعث، وما عرفوا أنه محمد ﵇ وشرعه، ويظهر من هذه الآيات العناد منهم، وأن كفرهم كان مع معرفة ومعاندة، «ولعنة الله»: معناه إبعاده لهم وخزيهم لذلك. واختلفت النحاة في جواب لَمَّا ولَمَّا الثانية في هذه الآية. فقال أبو العباس المبرد: جوابهما في قوله: كَفَرُوا، وأعيدت لما الثانية لطول الكلام، ويفيد ذلك تقريرا للذنب، وتأكيدا له، وقال الزجاج: لَمَّا الأولى لا جواب لها للاستغناء عن ذلك بدلالة الظاهر من الكلام عليه؟ قال القاضي أبو محمد عبد الحق ﵁: فكأنه محذوف، وقال الفراء: جواب لَمَّا الأولى في الفاء وما بعدها، وجواب لما الثانية كَفَرُوا. «وبيس» أصله «بئس» سهلت الهمزة ونقلت إلى الباء حركتها، ويقال في «بئس» «بيس» اتباعا للكسرة، وهي مستوفية للذم كما نعم مستوفية للمدح، واختلف النحويون في بِئْسَمَا في هذا الموضع، فمذهب سيبوية أن «ما» فاعلة ببئس، ودخلت عليها بيس كما تدخل على أسماء الأجناس والنكرات لما أشبهتها «ما» في الإبهام، فالتقدير على هذا القول: بيس الذي اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا، كقولك: بيس الرجل زيد، و«ما» في هذا القول موصولة، وقال الأخفش: «ما» في موضع نصب على التمييز كقولك «بيس رجلا زيد»، فالتقدير «بيس شيئا أن يكفروا»، واشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ في هذا القول صفة «ما»، وقال الفراء «بئسما بجملته شيء واحد ركب كحبذا»، وفي هذا القول اعتراض لأنه فعل يبقى بلا فاعل، و«ما» إنما تكف أبدا حروفا، وقال الكسائي: «ما»، واشْتَرَوْا بمنزلة اسم واحد قائم بنفسه، فالتقدير بيس اشتراؤهم أنفسهم أن يكفروا، وهذا أيضا معترض لأن «بيس» لا تدخل على اسم معين متعرف بالإضافة إلى الضمير، وقال الكسائي أيضا: إن «ما» في موضع نصب على التفسير وثم «ما» أخرى مضمرة، فالتقدير بيس شيئا ما اشتروا به أنفسهم، وأَنْ يَكْفُرُوا في هذا القول بدل من «ما» المضمرة، ويصح في بعض الأقوال المتقدمة أن يكون أَنْ يَكْفُرُوا في موضع خفض بدلا من الضمير في بِهِ، وأما في القولين الأولين ف أَنْ يَكْفُرُوا ابتداء وخبره فيما قبله، واشْتَرَوْا بمعنى باعوا، يقال: شرى واشترى بمعنى باع، وبمعنى ابتاع، وبِما أَنْزَلَ اللَّهُ يعني به القرآن، ويحتمل أن يراد به التوراة لأنهم إذ كفروا بعيسى ومحمد ﵉ فقد كفروا بالتوراة، ويحتمل أن يراد به الجميع من توراة وإنجيل وقرآن، لأن الكفر بالبعض يلزم الكفر بالكل، وبَغْيًا مفعول من أجله، وقيل نصب على المصدر، وأَنْ يُنَزِّلَ نصب على المفعول من أجله أو في موضع خفض بتقدير بأن ينزل.

1 / 178