Tafsir Ibn Atiyyah
تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز
Bincike
عبد السلام عبد الشافي محمد
Mai Buga Littafi
دار الكتب العلمية
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٢٢ هـ
Inda aka buga
بيروت
Nau'ikan
[سورة البقرة (٢): الآيات ٧٤ الى ٧٥]
ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٧٤) أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٥)
قَسَتْ أي صلبت وجفت، وهي عبارة عن خلوها من الإنابة والإذعان لآيات الله تعالى، وقال ابن عباس: المراد قلوب ورثة القتيل، لأنهم حين حيي قال: إنهم قتلوه وعاد إلى حال موته أنكروا قتله، وقالوا: كذب بعد ما رأوا هذه الآية العظمى، لكن نفذ حكم الله تعالى بقتلهم، قال عبيدة السلماني: ولم يرث قاتل من حينئذ.
قال القاضي أبو محمد عبد الحق ﵁: وبمثله جاء شرعنا، وحكى مالك ﵀ في الموطأ، أن قصة أحيحة بن الجلاح في عمه هي التي كانت سببا أن لا يرث قاتل، ثم ثبت ذلك الإسلام، كما ثبت كثيرا من نوازل الجاهلية، وقال أبو العالية وقتادة وغيرهما: إنما أراد الله قلوب بني إسرائيل جميعا في معاصيهم وما ركبوه بعد ذلك.
وقوله تعالى: فَهِيَ كَالْحِجارَةِ الآية، الكاف في موضع رفع خبر ل «هي»، تقديره: فهي مثل الحجارة أَوْ أَشَدُّ مرتفع بالعطف على الكاف، أَوْ على خبر ابتداء بتقدير تكرار هي، وقَسْوَةً نصب على التمييز، والعرف في أَوْ أنها للشك، وذلك لا يصح في هذه الآية، واختلف في معنى أَوْ هنا، فقالت طائفة: هي بمعنى الواو، كما قال تعالى: آثِمًا أَوْ كَفُورًا [الإنسان: ٢٤] أي وكفورا، وكما قال الشاعر [جرير]: [البسيط]
نال الخلافة أو كانت له قدرا ... كما أتى ربّه موسى على قدر
أي وكانت له. وقالت طائفة هي بمعنى بل، كقوله تعالى: إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ [الصافات: ١٤٧] المعنى بل يزيدون، وقالت طائفة: معناها التخيير، أي: شبهوها بالحجارة تصيبوا، أو بأشد من الحجارة تصيبوا، وقالت فرقة: هي على بابها في الشك. ومعناه: عندكم أيها المخاطبون وفي نظركم، أن لو شاهدتم قسوتها لشككتم أهي كالحجارة أو أشد من الحجارة. وقالت فرقة: هي على جهة الإبهام على المخاطب، ومنه قول أبي الأسود الدؤلي:
أحب محمّدا حبا شديدا ... وعباسا وحمزة أو عليّا
ولم يشك أبو الأسود، وإنما قصد الإبهام على السامع، وقد عورض أبو الأسود في هذا، فاحتجّ بقول الله تعالى: وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [سبأ: ٢٤]، وهذه الآية مفارقة لبيت أبي الأسود، ولا يتم معنى الآية إلا ب «أو»، وقالت فرقة: إنما أراد الله تعالى أن فيهم من قلبه كالحجر، وفيهم من قلبه أشد من الحجر، فالمعنى فهي فرقتان كالحجارة أو أشد، ومثل هذا قولك: أطعمتك الحلو أو الحامض، تريد أنه لم يخرج ما أطعمته عن هذين، وقالت فرقة: إنما أراد ﷿ أنها كانت كالحجارة
1 / 166