Bayanin Farin Ciki a Matsayin Ibadah
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
Nau'ikan
بيان الاحاطة بما شاء الله من علمه
اعلم ان العلم بمعنى ظهور الشيء عند شيء آخر له معنى مصدرى هو من المفاهيم العامة ومعنى ينتزع ذلك الظهور منه وهو صورة المعلوم التى حصلت عند العالم هذا فى العلوم الحصولية واما العلم الحضورى فليس هناك ما به الظهور غير الظاهر، بل المعلوم بذاته حاضر عند العالم لا بصورة ينتزع منها المعنى المصدرى للعلم فالعلم والمعلوم فيه متحدان واذا كان المعلوم بالعلم الحضورى ذات العالم كان العلم والمعلوم والعالم متحدة وعلى ما قيل وهو الحق؛ ان العلوم الصورية شؤن للعالمين وليست كيفيات نفسانية ولا اضافات كما قيل كان العلم والعالم فيها متحدين، واذا كان العلوم الحضورية شؤن العالمين كما قيل وهو الحق كان العلم الحضورى والعالم والمعلوم متحدة مطلقا، ولما كان علم الله بالاشياء عالياتها ودانياتها بحضور وجوداتها عنده لا بحصول صورها فيه او فى لوح حاضر عنده كما قيل كان جملة ما سوى الله علومه تعالى كما انها معلومات له لاتحاد العلم والمعلوم كما علمت والصور الحاصلة فى النفوس والحاضرة عندها من جملة معلوماته تعالى وعلومه تعالى، وعلى ما ذكر ان العلم شأن من النفس الانسانية كان الانسان محيطا بعلمه حضوريا كان ام حصوليا ولما كان العلوم حادثة وكل حادث مسبوق بمشيئته تعالى لم يكن يحدث علم الا بمشيئته تعالى فتبين معنى قوله تعالى { ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شآء } وان المعنى لا يحدث لاحد شيء من علم الله الا بمشيئته تعالى { وسع } هذه كالجمل السابقة فى الوجوه المحتملة { كرسيه السماوات والأرض } المشيئة بوجهها الى الله عرش وبوجهها الى الخلق كرسى، ويسمى الفلك الثامن لكونه مظهرا للكرسى بالكرسى كما يسمى الفلك المحيط بالعرش، ولما كانت المشيئة فعله تعالى وهو لا بشرط شيء ويجتمع مع كل شرط وفيها جميع صفاته واسمائه بوجود واحد جمعى جاز تفسير الكرسى بالعلم وتفسير العرش بجملة الخلق وصح ورود الاخبار بالاختلاف فى تفسيرهما؛ فعن النبى (ص):
" ما السماوات السبع والارضون السبع مع الكرسى الا كحلقة ملقاة فى فلاة، وفضل العرش على الكرسى كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة "
، وعن الصادق (ع) انه قال: حين سئل عن العرش والكرسى ما هما؟ - العرش فى وجه هو جملة الخلق والكرسى وعاؤه، وفى وجه آخر: العرش هو العلم الذى اطلع الله عليه الانبياء (ع) ورسله (ع) وحججه (ع) والكرسى هو العلم الذى لم يطلع عليه احدا من انبيائه (ع) ورسله (ع) وحججه (ع) { ولا يؤوده حفظهما } لا يثقله حفظه لهما { وهو العلي العظيم } حال بمنزلة التعليل.
[2.256]
{ لا إكراه في الدين } استئناف منقطع عن سابقه والدين الجزاء والاسلام والعادة والعبادة والطاعة والغلبة والسلطان والملك والحكم والسيرة والتوحيد واسم لجميع ما يتعبد الله به والملة والعزة والذلة والمراد به هاهنا الاسلام الحقيقى الذى هو الطريق الى الايمان الذى هو طريق الآخرة، او المراد الايمان الحقيقى الذى هو البيعة الخاصة الولاية التى يعبر عنها بالولاية، او المراد السلوك الى الآخرة بالايمان، ولذلك نفى الاكراه عنه والا فالدين بمعنى مطلق الاسلام او العبادة او الطاعة او السيرة او الملة كثيرا ما كان يحصل بالسيف كما قال (ص):
" انا نبى السيف "
، واما الاسلام الحقيقى والايمان الحقيقى والسلوك الى الآخرة فلا يمكن الاكراه فيها لأنها امر معنوى لا يتصور الاكراه الجسمانى فيها، او نقول: ليس الدين الا الولاية التى هى البيعة الخاصة الولاية وقبول الدعوة الباطنة، وما سواها يسمى بالدين لكونه مقدمة لها، او مسببا عنها، او مشاكلا لها، ولا اكراه فى الولاية، او المعنى لا اكراه فى الدين بعد تمامية الحجة بقبول الرسالة وتنصيص الرسول (ص) على صاحب الدين { قد تبين } اى تميز { الرشد من الغي } استئناف فى مقام التعليل او حال والمعنى لا يكره أحد فى الدين بالنفى او لا يكره بالنهى على ان يكون الاخبار فى معنى النهى لتميز الرشد او حالة تميز الرشد من الغى وفى الاخبار اشارات الى ان المراد لا اكراه فى ولاية على (ع) { فمن يكفر } عطف على سابقه والفاء للترتيب فى الاخبار اى فنقول: من يكفر او جزاء لشرط مقدر والتقدير اذا تبين الرشد فمن يكفر { بالطاغوت } فقد توسل بالرشد المعلوم له فلا يزول ولا ينفصم توسله لعلمه التحقيقى الذى لا زوال له، والطاغوت فى الاصل طغيوت من الطغيان فقلب فصار فلعوت والتاء زائدة لغير التأنيث فيه وفى نظائره ولذا تكتب بالتاء وتثبت فى الجمع فيقال طواغيت وطواغت وقد تكتب بالهاء مثل جبروة وطاغوة وتسقط من الجمع مثل طواغ وحينئذ تكون للتأنيث ويجرى على الفاظها احكام التأنيث وهذه الهيئة للمبالغة فى معنى المصدر سواء جعلت مصدرا مثل رحموت ورهبوت ورغبوت وجبروت او اسم مصدر، وسواء استعملت فى معنى الحدث او فى معنى الوصف مثل الطاغوت، وفسر الطاغوت بالشيطان والكاهن والساحر والمارد من الجن والانس والصنم وكل ما عبد من دون الله تعالى والحق ان الطاغوت يشمل النفس الامارة الانسانية وكلما يتبعه تلك النفس من الشيطان والاصنام والجنة والكهنة والسحرة ورؤساء الضلالة جميعا والآية فى شأن ولاية على (ع) والمقصود من قوله تعالى { ويؤمن بالله } الايمان الخاص الذى لا يحصل الا بالبيعة على يد على (ع) فان الايمان العام الذى يحصل بالبيعة العامة النبوية لا يدخل به شيء فى القلب فلا يتوسل بشيء حتى يصح ان يترتب عليه قوله تعالى { فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها } جملة حالية او جواب لسؤال مقدر.
تحقيق الاستمساك بالعروة الوثقى وبيان العروة الوثقى
اعلم ان امر الولاية التى هى عبارة عن البيعة الخاصة الولاية والاتصال بولى الامر بعقد اليمين اجل وارفع من ان يوصف لان صورتها وان كانت من الاعمال الجسمانية المحسوسة لكن الاتصال الروحانى الحاصل بها امر غيبى لا يدرك بالابصار ولا يتوهم بالامثال ولا يتعقل بالعقول لأنه لا حد له ولا رسم ولا كيف له ولا كم بل هو كما قال المولوى قدس سره:
Shafi da ba'a sani ba