22

Tafsirin Bahr Muhit

البحر المحيط في التفسير

Bincike

صدقي محمد جميل

Mai Buga Littafi

دار الفكر

Lambar Fassara

١٤٢٠ هـ

Inda aka buga

بيروت

الْقُرْآنِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «عَرَبِيَّتُهُ، فَالْتَمِسُوهَا فِي الشِّعْرِ» . وَقَالَ أَيْضًا ﷺ: «أَعْرِبُوا الْقُرْآنَ، وَالْتَمِسُوا غَرَائِبَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ أَنْ يُعْرَبَ، وَقَدْ فُسِّرَتِ الْحِكْمَةُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ «١» بِأَنَّهَا تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ» . وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا يَفْقَهُ الرَّجُلُ كُلَّ الْفِقْهِ حَتَّى يَرَى لِلْقُرْآنِ وُجُوهًا كَثِيرَةً» . وَقَالَ الْحَسَنُ: أَهْلَكَتْهُمُ الْعُجْمَةُ، يَقْرَأُ أَحَدُهُمُ الْآيَةَ، فَيَعْيَا بِوُجُوهِهَا حَتَّى يَفْتَرِيَ عَلَى اللَّهِ فِيهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَلَا يُفَسِّرُ كَالْأَعْرَابِيِّ الَّذِي يَهُذُّ الشِّعْرَ. وَوَصَفَ عَلِيٌّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، لِكَوْنِهِ يَعْرِفُ تَفْسِيرَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ «٢» . وَرَحَلَ مَسْرُوقٌ الْبَصْرَةَ فِي تَفْسِيرِ آيَةٍ، فَقِيلَ لَهُ: الَّذِي يُفَسِّرُهَا رَجَعَ إِلَى الشَّامِ، فَتَجَهَّزَ وَرَحَلَ إِلَيْهِ حَتَّى عَلِمَ تَفْسِيرَهَا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَعْلَمُهُمْ بِمَا أَنْزَلَ. وَمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: «مِنْ كَوْنِهِ لَا يُفَسِّرُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا آيًا بِعَدَدٍ عَلَّمَهُ إِيَّاهُنَّ جِبْرِيلُ ﵇» . مَحْمُولٌ ذَلِكَ عَلَى مُغَيِّبَاتِ الْقُرْآنِ وَتَفْسِيرِهِ لِمُجْمَلِهِ وَنَحْوِهِ، مِمَّا لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى. وَمَا رُوِيَ عَنْهُ ﷺ من قَوْلِهِ: «مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ فَأَصَابَ، فَقَدْ أَخْطَأَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ تَسَوَّرَ عَلَى تَفْسِيرِهِ بِرَأْيِهِ، دُونَ نَظَرٍ فِي أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ وَقَوَانِينِ الْعُلُومِ، كَالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَالْأُصُولِ، وَلَيْسَ مَنِ اجْتَهَدَ فَفَسَّرَ عَلَى قَوَانِينِ الْعِلْمِ وَالنَّظَرِ بِدَاخِلٍ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ، وَلَا هُوَ يُفَسَّرُ بِرَأْيِهِ وَلَا يُوصَفُ بِالْخَطَأِ. وَالْمَنْقُولُ عَنْهُ الْكَلَامُ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ مِنَ الصَّحَابَةِ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ: عَلِيُّ بن أبي طالب، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. فَهَؤُلَاءِ مَشَاهِيرُ مَنْ أُخِذَ عَنْهُ التَّفْسِيرُ مِنَ الصَّحَابَةِ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ، وَقَدْ نُقِلَ عَنْ غَيْرِ هَؤُلَاءِ غَيْرُ مَا شَيْءٍ مِنَ التَّفْسِيرِ. وَمِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي التَّفْسِيرِ مِنَ التَّابِعِينَ: الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ، وَمُجَاهِدُ بْنُ جَبْرٍ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَعَلْقَمَةُ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ، وَالسُّدِّيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ. وَكَانَ الشَّعْبِيُّ يَطْعَنُ عَلَى السُّدِّيِّ وَأَبِي صَالِحٍ، لِأَنَّهُ كَانَ يَرَاهُمَا مُقَصِّرِينَ فِي النَّظَرِ. ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ فِي التَّفْسِيرِ وَأَلَّفُوا فِيهِ التَّآلِيفَ. وَكَانَتْ تَآلِيفُ الْمُتَقَدِّمِينَ أَكْثَرُهَا، إِنَّمَا هِيَ شَرْحُ لُغَةٍ، وَنَقْلُ سَبَبٍ، وَنَسْخٌ، وَقَصَصٌ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا قَرِيبِي عَهْدٍ بِالْعَرَبِ، وَبِلِسَانِ الْعَرَبِ. فَلَمَّا فَسَدَ اللِّسَانُ، وَكَثُرَتِ الْعَجَمُ، وَدَخَلَ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ أَنْوَاعُ الْأُمَمِ الْمُخْتَلِفُو الألسنة، والناقصو

(١) سورة البقرة: ٢/ ٢٦٩. (٢) سورة القصص: ٢٨/ ٨٥.

1 / 25