السنة والنهي عن البدعة، بان لك أن هذا هو تقرير القاعدتين اللتين عليهما مدار الدين، وهما: لا يعبد إلا الله، والثانية: لا يعبد إلا بما شرع. فالأولى: قوله: "إنما الأعمال بالنيات ١"، والثانية قوله: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ٢ ". فإن كان المحاج لا يقر ببعض ذلك، بل أنكر شيئا من تفاصيل ما ذكرنا، فهي المسألة الرابعة وهو قوله: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ﴾ ٣. فإن كان هذا في الكاتم مع المحبة وتمنى ظهوره، ولكن أحب الدنيا عليه، فكيف بالكاتم المبغض؟ فإن كان يدعي أنه لم يفعل ذلك وأنه تابع لهذا الحق لكنه يكتم إيمانه كمؤمن آل فرعون مع معرفتك أنه كاذب، فهي المسألة الخامسة، وهي أن تقول له: ﴿وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ ٤. فإن أقر بهذا كله ولكنه استروح إلى أنه من ذرية رسول الله ﷺ، أو أنهم جيرانه أو غير ذلك من الأسباب، مثل مدحه الإمام الذي ينتسب إليه، أو أصحابه فهي المسألة السادسة وهي قوله: ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ ٥.
_________
١ رواه البخاري، كتاب الوحي، وكتاب العتق، ومناقب الأنصار، وكتاب الطلاق، كما رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه.
٢ رواه البخاري، كتاب الاعتصام، وكتاب البيوع، وكتاب الصلح. كما رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه وأحمد.
٣ سورة البقرة آية: ١٤٠.
٤ سورة البقرة آية: ٧٤.
٥ سورة البقرة آية: ١٣٤.
1 / 44