99

Tafsir Ayoyin Hukunci

تفسير آيات الأحكام

Nau'ikan

" ما بين المشرق والمغرب قبلة ".

وحديث:

" البيت قبلة لأهل المسجد والمسجد قبلة لأهل الحرم، والحرام قبلة لأهل الأرض في مشارقها ومغاربها من أمتي ".

ج - وأما عمل الصحابة: فهو أن أهل (مسجد قباء) كانوا في صلاة الصبح بالمدينة، مستقبلين لبيت المقدس، مستدبرين الكعبة، فقيل لهم: إن القبلة قد حولت إلى الكعبة، فاستداروا في أثناء الصلاة من غير طلب دلالة، ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم عليهم، وسمي مسجدهم (بذي القبلتين).

ومعرفة عين الكعبة لا تعرف إلا بأدلة هندسية يطول النظر فيها، فكيف أدركوها على البديهة في أثناء الصلاة، وفي ظلمة الليل؟

د - وأما المعقول: فإنه يتعذر ضبط (عين الكعبة) على القريب من مكة، فكيف بالذي هو في أقاصي الدنيا من مشارق الأرض ومغاربها؟ ولو كان استقبال عين الكعبة واجبا، لوجب ألا تصح صلاة أحد قط، لأن أهل المشرق والمغرب يستحيل أن يقفوا في محاذاة نيف وعشرين ذراعا من الكعبة، ولا بد أن يكون بعضهم قد توجه إلى جهة الكعبة ولم يصب عينها، وحيث اجتمعت الأمة على صحة صلاة الكل علمنا أن إصابة عينها على البعيد غير واجبة

لا يكلف الله نفسا إلا وسعها

[البقرة: 286].

ومن جهة أخرى: فإن الناس من عهد النبي عليه الصلاة والسلام بنوا المساجد، ولم يحضروا مهندسا عند تسوية المحراب، ومقابلة العين لا تدرك إلا بدقيق نظر الهندسة، ولم يقل أحد من العلماء إن تعلم الدلائل الهندسية واجب، فعلمنا أن استقبال عين الكعبة غير واجب.

الترجيح: هذه خلاصة أدلة الفريقين سقناها لك، وأنت إذا أمعنت النظر رأيت أن أدلة الفريق الثاني (المالكية والأحناف) أقوى برهانا، وأنصع بيانا، لا سيما للبعيد الذي في أقاصي الدنيا، وأصول الشريعة السمحة تأبى التكليف بما لا يطاق، وكأن الفريق الأول حين أحسوا صعوبة مذهبهم، خصوصا من غير المشاهد لها قالوا: " إن فرض المشاهد للكعبة إصابة عينها حسا، وفرض الغائب عنها إصابة عينها قصدا " وبعد هذا يكاد يكون الخلاف بين الفريقين شكليا، لأنهم صرحوا بأن غير المشاهد لها يكفي أن يعتقد أنه متوجه إلى عين الكعبة، بحيث لو أزيلت الحواجز يرى أنه متوجه في صلاته إلى عينها، وفي هذا الرأي جنوح إلى الاعتدال، والله الهادي إلى سواء السبيل.

Shafi da ba'a sani ba