89

Tafsir Ayoyin Hukunci

تفسير آيات الأحكام

Nau'ikan

وجه المناسبة بين الآيات

كان صلوات الله عليه وهو بمكة يستقبل بيت المقدس في الصلاة، كما كان أنبياء بني إسرائيل يفعلون، ولكنه كان يحب استقبال الكعبة، لأنها قبلة أبيه إبراهيم، وقد جاء بإحياء ملته، وتجديد دعوته، ولأنها أقدم القبلتين، وقد كان اليهود يقولون: يخالفنا محمد في ديننا، ويتبع قبلتنا، ولولا ديننا لم يدر أين يتوجه في صلاته، فكره النبي صلى الله عليه وسلم البقاء على قبلتهم، حتى روي أنه قال لجبريل: وددت لو أن الله صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه الوحي بتحويل القبلة إلى الكعبة.

وقد أخبر الله جل ثناؤه رسوله الكريم بما سيقوله السفهاء الجهال، من اليهود المنافقين، قبل تحويل القبلة، ولقنه الحجة البالغة ليرد عليهم، ويوطن نفسه على تحمل الأذى منهم عند مفاجأة المكروه، ويعد الجواب القاطع لحجة الخصم، وقد قيل في الأمثال " مثل الرمي يراش السهم " وليكون الوقوع بعد الإخبار معجزة له عليه السلام.

المعنى الإجمالي

يقول الله جل ثناؤه ما معناه: سيقول السفهاء من الناس - وهم أهل الضلال من اليهود والمشركين والمنافقين - ما صرفهم وحولهم عن القبلة التي كانوا يتوجهون إليها جهة بيت المقدس وهي قبلة النبيين والمرسلين من قبلهم؟ قل لهم يا محمد: لله المشرق والمغرب، الجهات كلها لله، وهو سبحانه يتصرف في ملكه كيف شاء على ما تقتضيه حكمته البالغة، يهدي من شاء من عباده، إلى الطريق القويم الموصل إلى سعادة الدارين.

وكما هديناكم - أيها المؤمنون - فخصصناكم بالتوفيق لقبلة إبراهيم وملته، كذلك فضلناكم على من سواكم من أهل الملل، فجعلناكم أمة عدولا خيارا، لتشهدوا للأنبياء يوم القيامة على أممهم أنهم قد بلغوهم رسالة الله، ويشهد لكم الرسول بالإيمان والاتباع لما جاء به من الدين الحنيف، وما أمرناك بالتحول عن القبلة التي كنت عليها إلى الكعبة، إلا ليتبين للناس الثابت على إيمانه من المتشكك في دينه، الذي هو عرضة لرياح الشبهات التي يثيرها أعداء الدين، فينافق أو يكفر، ويرتد عن دينه لأبسط الشبهات، وما كان الله ليضيع صلاتكم، إن الله رحيم بعباده، لا يبتليهم ليضيع عليهم أعمالهم، ولكن ليجزيهم أحسن الجزاء.

كثيرا ما رأينا تردد بصرك - يا محمد - جهة السماء، تطلعا للوحي وتشوقا لتحويل القبلة، فلنوجهنك إلى قبلة تحبها، فتوجه في صلاتك نحو المسجد الحرام، وأنتم - أيها المؤمنون - استقبلوا بصلاتكم جهته أيضا، فهي قبلتكم وقبلة أبيكم إبراهيم، وإن أهل الكتاب ليعلمون أن ذلك التولي شطر المسجد الحرام، هو الحق المنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم ولكنهم يفتنون ضعاف المؤمنين، ليشككوهم في دينهم، بإلقاء الشبهات والأباطيل في نفوسهم، وما الله بغافل عما يعملون فهو جل ثناؤه العليم بالظاهر والباطن، المحاسب على ما في السرائر.

سبب النزول

أ - أخرج البخاري ومسلم عن البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أول ما نزل المدينة نزل على أخواله من الأنصار، وأنه صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا، وكان يعجبه أن تكون قبلته إلى البيت، وأنه صلى أول صلاة صلاها (صلاة العصر) وصلى معه قوم، فخرج رجل ممن كان صلى معه فمر على أهل المسجد وهم راكعون، فقال: أشهد بالله لقد صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل مكة، فداروا كما هم قبل البيت، وكان الذي قد مات على القبلة قبل أن تحول قبل البيت رجالا قتلوا لم ندر ما نقول فيهم فأنزل الله: { وما كان الله ليضيع إيمانكم }.

ب - وعن البراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي نحو بيت المقدس، ويكثر النظر إلى السماء ينتظر أمر الله فأنزل الله: { قد نرى تقلب وجهك في السمآء } فقال رجال من المسلمين: وددنا لو علمنا علم من مات منا قبل أن تصرف إلى القبلة، وكيف بصلاتنا نحو بيت المقدس فأنزل الله: { وما كان الله ليضيع إيمانكم }.

Shafi da ba'a sani ba