{ المحسنين }: جمع محسن وهو الذي ينفع غيره بنفع حسن، أو يحسن عمله بفعل ما يرضي الله تعالى.
المعنى الإجمالي
يقول الله جل ثناؤه ما معناه: قاتلوا - أيها المؤمنون - في سبيل إعلاء كلمة الله وإعزاز دينه الذين يقاتلونكم من الكفار، ولا تعتدوا بقتل الأطفال، والنساء، والشيوخ، ممن لا قدرة لهم على القتال، فإن الله يكره البغي والعدوان أيا كان مصدره.
واقتلوهم أينما أدركتموهم وصادفتموهم، ولا يصدنكم عنهم أنكم في أرض الحرم، وأخرجوهم من المكان الذي أخرجوكم منه وهو مكة بلدكم الأصلي، الذي أخرجوكم منه ظلما وعدوانا، والفتنة للمؤمنين وإيذاؤهم بالتعذيب والتشريد، والإخراج من الوطن، والمصادرة للمال، أشد قبحا من القتل ولا تقاتلوهم - أيها المؤمنون - عند المسجد الحرام، حتى يبدؤوكم بالقتال، فإن قاتلوكم فاقتلوهم ولا تستسلموا لهم، فالبادئ هو الظالم، والمدافع غير آثم كذلك جزاء الكافرين، فإن انتهوا عن عدوانهم فإن الله غفور رحيم.
ثم أكد تعالى الأمر بقتال الكفار، وبين الغاية منه وهي ألا يوجد شيء من الفتنة في الدين، فقال: قاتلوهم حتى تظهروا عليهم فلا يفتنوكم عن دينكم، ويكون الدين خالصا لله، فلا يعبدون دونه أحد، وتكون العبادة والطاعة لله وحده دون غيره من الأصنام والأوثان، فإذا انتهوا عن قتالكم، ودخلوا في دينكم فاتركوا قتالهم لأنه لا ينبغي أن يعتدي إلا على الظالمين. ثم أخبر تعالى أن المشركين بإصرارهم على الفتنة وإيذائهم للمؤمنين، فعلوا ما هو أشد قبحا من القتل، فقال مخاطبا المؤمنين: الشهر الحرام يقابل بالشهر الحرام، وهتك حرمته تقابل بهتك حرمته، فلا تبالوا - أيها المؤمنون - بالقتال فيه إذا اضطررتم للدفاع عن دينكم، وإعلاء كلمة الله، فمن تعرض لقتالكم واعتدى عليكم فقاتلوه، وردوا عدوانه بلا ضعف ولا تقصير، بمثل ما يعتدي عليكم، واتقوا الله فلا تبغوا وتظلموا في القصاص، إن الله يحب المتقين.
ثم أمر تعالى بالجهاد بالمال بعد الأمر بالجهاد بالأنفس فقال: وأنفقوا في سبيل الله أي ابذلوا المال في سبيل الله لنصرة دينه، والدفاع عن الحق، ولا تبخلوا فتشحوا بالمال، فإن ذلك يضعفكم، ويمكن الأعداء من نواصيكم فتهلكون، وأحسنوا فإن الله يحب المحسنين.
سبب النزول
أولا: روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما صد عن البيت، ونحر هديه بالحديبية، وصالحه المشركون على ان يرجع من العام المقبل رجع، فلما تجهز في العام المقبل خاف أصحابه أن لا تفي لهم قريش بذلك، وأن يصدوهم ويقاتلوهم، وكره أصحابه القتال في الشهر الحرام فنزلت هذه الآية { وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم } قاله ابن عباس.
ثانيا: وروي أن المشركين قالوا للنبي عليه السلام: أنهيت عن قتالنا في الشهر الحرام؟ قال: نعم، وأرادوا أن يفتروه في الشهر الحرام فيقاتلوه فيه فنزلت هذه الآية { الشهر الحرام بالشهر الحرام } قاله الحسن.
ثالثا: وروي عن ابن عباس أنه قال: نزلت في عمرة القضاء وعام الحديبية في ذي القعدة سنة ست، فصده كفار قريش عن البيت فانصرف، ووعده الله سبحانه أنه سيدخله، فدخله سنة سبع وقضى نسكه فنزلت هذه الآية { الشهر الحرام بالشهر الحرام }.
Shafi da ba'a sani ba