291

Tafsir and the Exegetes

التفسير والمفسرون

Mai Buga Littafi

مكتبة وهبة

Inda aka buga

القاهرة

Nau'ikan

بمعنى: الملك، والخلق، والإنشاء، والإحداث، لأنه ﷿ قال: ﴿وَللَّهِ المشرق والمغرب فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ الله﴾ [البقرة: ١١٥]: أى أن الجهات كلها لله، وتحت ملكه، وكل هذا واضح بَيِّنٌ بحمد الله.
ونراه يقول فى المجلس (٣٩ جـ٢ ص ٥٣-٥٦) ما نصه: إن سأل سائل عن قوله تعالى: ﴿أولائك لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ والله سَرِيعُ الحساب﴾ [البقرة: ٢٠٢] فقال: أىُّ تَمدُّح فى سرعة الحساب وليس بظاهر وجه المدح فيه؟ الجواب: قلنا: فى ذلك وجوه:
أولها: أن يكون المعنى أنه سريع الحساب للعباد على أعمالهم، وأن وقت الجزاء قريب وإن تأخر، ويجرى مجرى قوله تعالى: ﴿وَمَآ أَمْرُ الساعة إِلاَّ كَلَمْحِ البصر أَوْ هُوَ أَقْرَبُ﴾ [النحل: ٧٧]، وإنما جاز أن يُعبَّر عن المجازاة أو الجزاء بالحساب، لأن ما يُجازَى به العبد هو كفؤ لفعله وبمقداره، فهو حساب له إذا كان مماثلًا مكافئًا. ومما يشهد بأن فى الحساب معنى المكافأة قوله تعالى: ﴿جَزَآءً مِّن رَّبِّكَ عَطَآءً حِسَابًا﴾ [النبأ: ٣٦]: أى عطاءً كافيًا. ويقال: أحسبنى الطعام يحسبنى إحسابًا: إذا كفانى. قال الشاعر:
وإذ لا ترى فى الناس حُسنًا يفوتها ... وفى الناس حُسنًا لو تأملت محسب
معناه: كاف.
وثانيها: أن يكون المراد أنه ﷿ يُحاسِب الخلق جميعًا فى أوقات يسيرة. ويقال: إن مقدار ذلك حلب شاة، لأنه تعالى لا يشغله محاسبة بعضهم عن محاسبة غيره، بل يكلمهم جميعًا، ويحاسبهم كلهم على أعمالهم فى وقت واحد، وهذا أحد ما يدل على أنه تعالى ليس بجسم، وأنه لا يحتاج فى فعل الكلام إلى آلة، لأنه لو كان بهذه الصفات - تعالى عنها - لما جاز أن يخاطب اثنين فى وقت واحد بمخاطبتين مختلفتين، ولكان خطاب بعض الناس يشغله عن خطاب غيره ولكانت مدة محاسبته للخلق على أعمالهم طويلة غير قصيرة، كما أن جميع ذلك واجب فى المُحدِّثين الذين يفتقرون فى الكلام إلى الآلات.
وثالثها: ما ذكره بعضهم من أن المراد بالآية أنه سريع العلم بكل محسوب، وأنه لما كانت عادة بنى الدنيا أن يستعملوا الحساب والإحصاء فى أكثر أمورهم، أعلمهم الله أنه يعلم ما يحسبون بغير حساب، وإنما سمى العلم حسابًا، لأن الحساب إنما يُراد به العلم، وهذا جواب ضعيف، لأن العلم بالحساب أو المحسوب لا يُسمى حسابًا، ولو سُمى بذلك لما جاز أيضًا أن يقال: إنه سريع العلم بكذا، لأن علمه بالأشياء مما لا يتجدد فيوصف بالسرعة.
ورابعها: أن الله تعالى سريع القبول لدعاء عباده والإجابة لهم، وذلك أنه يُسئل فى

1 / 297