Tafsir and the Exegetes
التفسير والمفسرون
Mai Buga Littafi
مكتبة وهبة
Inda aka buga
القاهرة
Nau'ikan
أحمد البرلسى، والنور المحلَّى، والبدر المشهدى، والشهاب الرملى، وغيرهم، ولما أنس منه أشياخه ورأوه أهلًا للفتوى والتدريس أجازوه بها فدرَّس وأفتى فى حياتهم، وانتفع به خلائق لا يحصون.
ولقد كان ﵀ على جانب عظيم من الصلاح والورع، وقد أجمع أهل مصر على ذلك، ووصفوه بالعلم والعمل، والزهد والورع، وكثرة التنسك والعبادة. وكان من عادته أن يعتكف من أول رمضان فلا يخرج من الجامع إلا بعد صلاة العيد، وكان إذا حج لا يركب إلا بعد تعب شديد، وكان يؤثر الخمول ولا يكترث بأشغال الدنيا. وعلى الجملة، فقد كان آية من آيات الله تعالى، وحُجَّة من حُجَجه على خلقه. توفى فى عصر يوم الخميس ثانى شعبان سنة ٩٧٧هـ (سبع وسبعين وتسعمائة من الهجرة) . ومن أهم مؤلفاته: شرحه لكتاب المنهاج وكتاب التنبيه، وهما شرحان عظيمان، جمع فيهما تحريرات أشياخه بعد القاضى زكريا، وأقبل الناس على قراءتهما وكتابتهما إلى حياته، وتفسيره لكتاب الله تعالى، وهو الذى نحن بصدده الآن.
* *
* التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفة فيه:
ذكر مؤلف هذا الكتاب فى مقدمته: أن أئمة السَلَف ألَّفوا فى التفسير كتبًا، كل على قدر فهمه ومبلغ علمه، وأنه خطر له أن يقتفى أثرهم، ويسلك طريقهم، ولكنه تردد فى ذلك مدة من الزمن، مخافة أن يدخل تحت الوعيد الوارد فى حق مَنْ فَسَّر القرآن برأيه أو بغير علم، ثم ذكر أنه استخار الله تعالى فى حضرته، بعد أن صلَّى ركعتين فى روضته، وسأله أن يشرح صدره لذلك وييسره له، فشرح الله له صدره، ولما رجع من سفره، كتم ذلك فى سره، حتى قال له شخص من أصحابه: إنه رأى فى المنام أن النبى ﷺ أو الشافعى يقول: قل لفلان يعمل تفسيرًا على القرآن. وذكر المؤلف أنه لم يمض عليه إلا القليل حتى قرر فى وظيفة مشيخة تفسير البيمارستان، وذكر أن جماعة من أصحابه ممن لم شغف بالعلم، طلبوا منه بعد فراغه من شرح منهاج الطالبين، أن يجعل لهم تفسيرًا وسيطًا بين الطويل الممل والقصير المخل، فأجابهم إلى ذلك، متمثلًا وصية الرسول ﷺ فيهم، حيث قال فيما يرويه عنه أبو سعيد الخدرى رضى الله عنه: "إن رجالًا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون فى الدين، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرًا" ومقتديًا بالماضين من السَلَف، فى تدوين العلم إبقاءً على الخلف، وذكر أنه ليس على ما فعلوه مزيد، ولكن لا بد فى كل زمان من تجديد ما طال به العهد، وقصر للطالبين فيه الجد والجهد، تنبيهًا للمتوقفين، وتحريضًا للمتثبطين، وليكون ذلك عونًا له وللقاصرين أمثاله - كما يقول.
1 / 241