Tafsir Al-Uthaymeen: Surah Fussilat
تفسير العثيمين: فصلت
Mai Buga Littafi
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Bugun
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٣٧ هـ
Inda aka buga
المملكة العربية السعودية
Nau'ikan
ومن ذلك أيضًا مِنَ الخَطأِ في مِثلِ هذا قَولُ بَعضِ النَّاسِ: شاءَت قُدرَةُ اللهِ، شاءَ القَدَرُ، هذا حَرامٌ، لا يَجوزُ، القُدرَةُ نَفسُها ليس لها مَشيئَةٌ، المَشيئَةُ للهِ ﷿ أمَّا القُدرَةُ فليس لها مَشيئةٌ، لأنَّها صِفةٌ في موصوفٍ والشَّائي والمُختارُ هو اللهُ ﷿. أمَّا اقتضت قُدرَةُ اللهِ فهذا صَحيح، يعني: أنَّ من مُقتَضَياتِ القُدرَةِ كذا وكذا، أمَّا المَشيئَةُ فلا تَكونُ إلَّا مِن شاءٍ له اختِيارٌ، وهذا لا يُمكِنُ أن يَكونَ من صِفةٍ.
فإِنْ قال قائِلٌ: هُناك عِبارَةٌ شائعَةٌ بَينَ العامَّةِ قَولُهم: نَحمَدُ اللهَ ونَشكُرُ فَضلَه؟
فالجَوابُ: أليس اللهُ ﵎ يَقولُ: ﴿وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ﴾ [النحل: ١١٤]، والمُرادُ نِعمَةُ اللهِ المَخلوقَةُ لا الصِّفَةُ، يَعني: ما أَنعَمَ اللهُ، كذلك أَشكُرُ فَضلَ اللهِ ليس مَعناه أنِّي أَجعَلُ هذه الصِّفَةَ مَشكورَةً لكنَّ هذا الفضلَ الَّذي مَنَّ اللهُ عَلَيَّ أشكُرُه عليه، فهذه العِبارَةُ لا شَيءَ فيها.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أنَّ من بَلاغةِ القُرآنِ أنَّه إذا ذَكَرَ الحُكْمَ ذَكَرَ الدَّليلَ العَقليَّ عليه؛ لقَولِه: ﴿وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ﴾ اسجُدوا للهِ، هذا واضح أمرٌ شرعيٌّ لكن: ﴿الَّذِي خَلَقَهُنَّ﴾ دَليلٌ كونيٌّ قَدَريٌّ على أنَّ المُستحِقَّ للسُّجودِ الَّذي خَلَقَ هذه الأشياءَ، كيف تَسجدونَ للشَّمسِ والقَمرِ ولا تَسجُدون للهِ الَّذي خَلَقَهنَّ، ونَظيرُ هذا قَولُه تَعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [البقرة: ٢١] وقَولُه تَعالى: ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾ [فصلت: ١٥] قال اللهُ تَعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾، لم يَقُل: أَوَ لَمْ يَرَوا أنَّ اللهَ هو أَشدُّ منهم قُوَّةً، بل قال: ﴿الَّذِي خَلَقَهُمْ﴾ ليَدُلَّ بذلك دَلالةً عَقليَّةً واضحَةً أنَّهم دونَ اللهِ تعالى في القُدرَةِ؛ لأنَّ اللهَ هو الَّذي خَلَقَهم، وهذا مِن أساليبِ القُرآنِ المُعجزَةِ الَّتي تَدُلُّ على أنَّه من لَدن حَكيمٍ خَبيرٍ.
1 / 207