لَوْ أَغْنَيْتُهُ لَأَفْسَدَهُ الْغِنَى، وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي مَنْ لَوْ أَفْقَرْتُهُ لَأَفْسَدَهُ الْفَقْرُ" (^١)، فالغَنيُّ ربَّما يَطغَى بغِناه وَيستَكثِر، والفقير ربما يَقنَط من رحمة الله وَيستَحسِر ويَستَبعِد الفَرَج، فيَكون الأوَّلُ فاسِدًا بطُغيانه، والثاني فاسِدًا بيَأْسه وقُنوطه.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ الرِّزْق بمَعنى: العَطاء.
وقوله: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ﴾ قال المُفَسِّر ﵀: [كُفَّار مَكَّةَ]، وهذا كما سبَق من قُصوره في التَّفسير، والواجِب أن نَقول: إن المُراد بـ ﴿النَّاسِ﴾ جميعُ الناس؛ أهلُ مكَّةَ وغيرُهم.
وقوله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾، لا يَعلَمون أن الأَمْر بيَدِ الله تعالى من حيثُ تَوسيع الرِّزْق وتَضييقه.
وقوله ﷾: ﴿أَكْثَرَ النَّاسِ﴾ ولم يَقُل: كل الناس؛ لأن المُؤمِنين يَعلَمون ما لله ﷾ من الحِكَم في بَسْط الرِّزْق وتَقْديره.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: إِثْبات المَشيئة لله تعالى، لقوله تعالى: ﴿لِمَنْ يَشَاءُ﴾.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: إثبات الأَفْعال الاختِيارية؛ لقوله تعالى: ﴿يَبْسُطُ﴾ و﴿وَيَقْدِرُ﴾.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ كَثْرة المال والولَد لا يَدُلُّ على الرِّضا، وإنما هو تابع لمَشيئة الله تعالى.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: الحِكْمة العَظيمة البالِغة في اختِلاف الناس في سَعة الرِّزْق