﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾
قوله تعالى: ﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾: الجار والمجرور متعلق بمحذوف؛ وهذا المحذوف يقدَّر فعلًا متأخرًا مناسبًا؛ فإذا قلت: «باسم الله» وأنت تريد أن تأكل؛ تقدر الفعل: «باسم الله آكل» .
قلنا: إنه يجب أن يكون متعلقًا بمحذوف؛ لأن الجار والمجرور معمولان؛ ولابد لكل معمول من عامل.
وقدرناه متأخرًا لفائدتين:
الفائدة الأولى: التبرك بتقديم اسم الله ﷿.
والفائدة الثانية: الحصر؛ لأن تأخير العامل يفيد الحصر، كأنك تقول: لا آكل باسم أحد متبركًا به، ومستعينًا به إلا باسم الله ﷿.
وقدرناه فعلًا؛ لأن الأصل في العمل الأفعال، وهذه يعرفها أهل النحو؛ ولهذا لا تعمل الأسماء إلا بشروط.
وقدرناه مناسبًا؛ لأنه أدلّ على المقصود؛ ولهذا قال الرسول ﷺ: «ومن كان لم يذبح فليذبح باسم الله» (^١)، أو قال ﷺ: «على اسم الله» . فخص الفعل. (^٢)
و﴿الله﴾: اسم الله رب العالمين لا يسمى به غيره؛ وهو أصل الأسماء؛ ولهذا تأتي الأسماء تابعة له.
و﴿الرحمن﴾ أي ذو الرحمة الواسعة؛ ولهذا جاء على وزن «فَعْلان» الذي يدل على السعة.
(^١) أخرجه البخاري، كتاب العيدين، باب كلام الإمام والناس في خطبة العيد، (٩٨٥) ومسلم كتاب الأضاحي، باب وقتها (١) (١٩٦٠) .
(^٢) أخرجه البخاري، كتاب الذبائح والصيد باب: قول النبي ﷺ: (فليذبح على اسم الله) (٥٥٠٠) ومسلم كتاب الأضاحي باب وقتها (٢) (١٩٦٠) .