مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ يَستَدِلُّ بها المُسرِفون على أنفسهم بالمَعاصِي، فإذا نَهَيْتهم عن مَعصية قالوا لك: ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾.
ونقول له - بكُلِّ بَساطة -: وهل تَجزِم أنت أنك ممَّن شاء الله تعالى أن يُغفَر له؟
الجَوابُ: لا، إذَنْ أنت على خطَر، وأنت الآنَ فَعَلْت سبب العُقوبة، وكونُكَ يُغفَر لكَ فهذا أَمْرٌ راجِع إلى مَشيئة الله ﷿.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ الجُملة تَعليلٌ للحُكْم الذي قبلها وهو: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ والجُملة هنا مُؤكَّدة بمُؤكِّدين، هما: (إن) و(هو) ﴿إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾، أمَّا كون (إنَّ) مُؤكَّدة فظاهِر؛ لأن (إِنَّ) من أَدَوات التَّوْكيد.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ كلِمة ﴿هُوَ﴾ لو حُذِفت لاستَقام الكلام بدونها، ويُسمِّيها النَّحويُّون: ضميرَ فَصْل، وبعضُهم يُسمِّيها: عِمادًا، وليس ضَميرَ الشَّأْن، وضمير الشأن هو الضمير الذي يَدُلُّ على القِصَّة، وليس مَوْجودًا، وإنما يَكون في الغالِب مَحذوفًا.
يَقولون: إن في ضمير الفَصْل ثلاثَ فوائِدَ:
الفائِدةُ الأُولى: التَّوْكيد.
الفائِدةُ الثانيةُ: الحَصْر.
الفائِدةُ الثالِثةُ: التَّمييز بين الخَبر والصِّفة.
مثالُه: إذا قُلتَ: زيدٌ هو الفاضِل؛ فالضَّمير في (هو) ضمير فَصْل، ولو قُلتَ: زيدٌ الفاضِلُ. وحذَفْت الضميرَ لاستَقام الكلامُ، ولكن يُحتَمَل أن يَكون (الفاضِلُ) صِفةً، والخَبَر مُنتَظَرًا، ويُحتَمَل أن يَكون (الفاضِلُ) هو الخبَر، فإذا قلتَ: زيدٌ هو