الآية (٤٨)
* قَالَ اللهُ ﷿: ﴿وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ [الزمر: ٤٨].
يَقول ﵀: [﴿وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ﴾ نزل ﴿بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ أيِ: العَذاب]، يَعنِي: حاق بهم العَذاب، أي نزَل بهم وبدَتْ لهم سَيِّئاتهم وعرَفوها، وكانوا يَقولون: يا لَيْتَنا نُردُّ ولا نُكذِّب بآيات ربِّنا ونَكون من المُؤمِنين. قال تعالى: ﴿بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ﴾ [الأنعام: ٢٨].
وقوله ﵀: [﴿وَحَاقَ بِهِمْ﴾ نزَل بهم ﴿مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾] أي: ما كانوا يَستَهزِئون به في الدُّنيا، أمَّا في الآخِرة فإنهم يَقولون: ﴿قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ﴾ [الأعراف: ٥٣]، إلَّا أنه في ذلك الوقتِ لا يَنفَعهم، فقَدْ كانوا في الدنيا يَستَهْزِئون ويَسخَرون من الرُّسُل، ويَسخَرون من الذين آمَنوا، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (٣٠) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (٣١) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ﴾ [المطففين: ٢٩ - ٣٢].
سُبحانَ الله! هذه الآياتُ تَنطَبِق تمامًا على وَقْتنا كما انطَبَقَت على ما قبلُ، وهي قوله تعالى: ﴿كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ﴾، وهذا هو الواقِع، فتَجِد هؤلاء الفَسَقةَ