من غِلٍّ - على أكمَل وَجْه.
فإذا اقتُصَّ لبعضهم من بعض أيضًا لا يَدخُلون الجَنَّة مُباشَرة، بل يَجِدون الجَنَّة مُغلَّقة الأبواب، فيَطلُبون مَن يَشفَع لهم، فيُشفَّع النبيُّ ﷺ خاصَّة، وهذه خاصَّة بالرسول ﷺ لكن ليسَتْ عُظمى؛ لأنها لأهل الجنَّة خاصَّة فيَشفَع أن تَفتَح أبواب الجَنَّة، فيُؤذَن له فتُفتَح أبواب الجَنَّة.
وأوَّل مَن يَدخُلها هو ﵊ (١)، وأوَّلُ مَن يَدخُلها من الأُمَم أُمَّته بعد الأنبياءِ ﵈ مُباشَرةً، فالنَّبيُّون أوَّلًا، ثُمَّ الأُمَم، يَبدَأ بقائِد النَّبيِّين محمد ﷺ، ثُم قائِد الأُمَمِ هذه الأُمَّةُ؛ لأن هذه الأُمَّةَ - ولله تعالى الحمد - مُتأخِّرة في الزمن في الدنيا، لكنها سابِقة في كل المَواقِف في الآخِرة، فقد قال النبيُّ ﵊: "نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (٢).
ففي كل العرَصات - ولله تعالى الحمد - نحن السابِقون في العُبور على الصِّراط في القَضاء بين الناس في عرَصات القِيامة قبل دُخول الجنَّة همُ السابِقون يوم القيامة في كل شيء، فيَدخُلون الجنَّة، وتَأمَّل هذا في كِتاب الله ﷿ قال الله تعالى في أهل النار: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾ [الزمر: ٧١]، وهم كارِهون لها من حين أن يَصِلوا إليها تُفتَّح الأبواب؛ أمَّا أهل الجنَّة فلا، قال تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾ [الزمر: ٧٣].
فأَفاد قوله تعالى: ﴿وَفُتِحَتْ﴾ أن هناك شَيْئًا بين مَجيئهم وبين الفَتْح، ولقد
(١) أخرجه الإمام أحمد (٣/ ١٤٤)، من حديث أنس ﵁.
(٢) أخرجه البخاري: كتاب الجمعة، باب فرض الجمعة، رقم (٨٧٦)، ومسلم: كتاب الجمعة، باب هداية هذه الأمة ليوم الجمعة، رقم (٨٥٥)، من حديث أبي هريرة ﵁.