الآيتان (٣٩، ٤٠)
* قَالَ اللهُ ﷿: ﴿قُلْ يَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٩) مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ﴾ [الزمر: ٣٩، ٤٠].
قال الله ﵎: ﴿قُلْ يَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ﴾ الخِطاب هنا للنبيِّ ﷺ، وقوله تعالى: ﴿قُلْ يَاقَوْمِ﴾ المُراد بهم مَن كذَّبوه وعانَدوه.
وقوله تعالى: ﴿يَاقَوْمِ﴾ هذه مُنادى، وأَصلُها: يا قَوْمي، ولكنها حُذِفت الياء للتخفيف، وبَقِيَت الكَسْرة دَليلًا عليها، وعليه فنَقول في إعرابها: (قَومِ) مُنادى مَنصوب بفَتْحة مُقدَّرة على ما قَبْل ياء المُتكلِّم المحذوفة للتَّخفيف.
وقوله تعالى: ﴿اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ﴾ يَعنِي: على ما أنتم عليه من الكُفْر والعَداوة والإيذاء، فإن ذلك لا يُهِمُّني، ولن يَمنَعَني من أن أَستَمِرَّ في عمَلي؛ ولهذا أَكَّد قوله تعالى: ﴿إِنِّي عَامِلٌ﴾ يَعنِي: عامِلٌ على ما أنا عليه، فأنتمُ اعمَلوا ونحن سنَعمَل، وهذا كقوله تعالى: ﴿وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ﴾ [هود: ١٢٢].
قال المُفَسِّر ﵀: [﴿قُلْ يَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ﴾ على حالتكم]، فالمَكانة بمَعنَى الحالِ، وكما ذكَرْنا في التفسير: المكانة أي: ما كُنْتم عليه، وهي بمَعنى الحال في كلام المُفسِّر ﵀: [إني عامِلٌ على حالَتي]، وفَهِم أن التَّقدير (على حالَتي)؛ لأنها مُقابِلٌ إلى قوله تعالى: ﴿اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ﴾ يَعنِي: إني عامِلٌ على مَكانتي،