ثُمَّ يَقول في قصيدةٍ أُخرى:
وَلَقَدْ عَلِمْتُ بِأَنَّ دِينَ مُحَمَّدٍ ... مِنْ خَيْرِ أَدْيَانِ الْبَرِيَّةِ دِينَا
لَوْلَا المَلَامَةُ أَوْ حَذَارِ مَسَبَّةٍ ... لَرَأَيْتَنِي سمْحًا بِذَاكَ مُبِينَا (١)
مثل هذا الكَلامِ لو سمِعه الناس آمَنوا، فهو في الحقيقة داعِية للإسلام لكنه غير مُسلِمٍ، نَسأَل اللهَ تعالى العافِيةَ!.
إِذَنِ: التَّخفيفُ عنه لا من أَجْل أنه عمُّ الرسول ﷺ، لكن لأَجْل أنه دافَع عن الإسلام وحمَى النبيَّ ﷺ حِمايةً تامَّة، وأَعاله أيضًا فإنه بَعْد موت جدِّه عبد المُطَّلِب كان عند عَمِّه أبي طالِب، وهذا معروف، فمِن عدْل الله ﷿ أن الله شكَرَ هذا العَمَلَ وخفَّف عنه بشفاعة النبيِّ ﷺ حتى صار "فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ وَعَلَيْهِ نَعْلَانِ مِنْ نَارٍ يَغلي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ"، أَعاذَني الله تعالى وإيَّاكم من النار.
وقوله تعالى: ﴿أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ﴾، قال المُفَسِّر ﵀: والمعنى: لا تَقدِر على هِدايته فتُنقِذه من النار وصدَق الله ﷾، فالإنسان لا يُمكِن أن يُنقِذ أحَدًا من النار أبَدًا، فإذا كان نبيُّ الله ﷺ لا يَقدِر على ذلك فمَن دُونَه من بابِ أَوْلى.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: أن مَن حَقَّت عليه كلِمة العَذاب فلا هادِيَ له، ويَشهَد لهذا قوله تعالى: ﴿مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الأعراف: ١٨٦].
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: إثبات كلام الله تعالى؛ لأن الذي يَقضِي بالعَذاب هو الله ﷿ لا غيره، فكلِمة (العَذاب) صادِرة من الله تعالى، وفي هذا إثبات الكلام لله ﷿،