الآيتان (٤٤، ٤٥)
* * *
* قَالَ اللهُ ﷿: ﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (٤٤) وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ﴾ [الشُّورَى: ٤٤، ٤٥].
* * *
قوُلهُ: ﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ﴾ (مَنْ) هذه شرطيَّةٌ، وهي للعمومِ يعني: أيُّ أحدٍ يُقدِّرُ اللهُ تعالى أن يُضِلَّ فإنَّه لا يُمْكِنُ أن يتولَّاه أحدٌ بَعْدَ اللهِ، ومعنى هذا: أَنَّه لا يُمْكِنُ أن يَهْدِيَه أحدٌ، كما قال تعالى في آيةٍ أخرى: ﴿فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ﴾ [الجاثيةِ: ٢٣].
واقترن جوابُ الشَّرطِ بالفاءِ في قولِهِ: ﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ﴾ لأنه مقترنٌ بـ (ما).
وقوله: ﴿فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ﴾ يقولُ المفسِّرُ ﵀: [أيُّ أحدٍ يلي هدايتَه بَعْدَ إضلالِ اللهِ إياه].
وقوله: ﴿وَتَرَى﴾ بَصَرِيَّةٌ، و﴿الظَّالِمِينَ﴾ مفعولٌ به، و﴿يَقُولُونَ﴾ جملةٌ حاليَّةٌ، و﴿لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ﴾ (لمَّا) هذه جازمةٌ، بمعنى حِينَ ﴿وَتَرَى الظَّالِمِينَ﴾ والمرادُ بالظَّالمين هنا الكافرون، كما قال اللهُ ﷿: ﴿وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [البقرة: ٢٥٤].