Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum
تفسير العثيمين: الروم
Mai Buga Littafi
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٣٦ هـ
Inda aka buga
المملكة العربية السعودية
Nau'ikan
فَإنْ قَالَ قَائِلٌ: كيْفَ تكون الأشْيَاءُ عَلامَةً عَلَى الله ﷿ وهُوَ أبْيَنُ وأظْهَرُ؛ لأَنَّ معرِفَتَهُ مرْكُوزَةٌ في الفِطَر والعُقولِ؟
فالجوابُ: أوَّلًا: أنَّ بعْضَ الفِطَرِ قَدْ يَعْتَريها مَا يصْرِفُها عَن الصِّراطِ المُسْتَقِيم فتَحْتَاجُ إِلَى دَعْمٍ لِبَيانِ الآيات.
ثانيًا: أنَّ هَذِهِ الآيات كُلُّ آيَةٍ تدُلّ عَلَى نوعٍ خَاصٍّ مِن صِفَاتِ الله ﷾ بِخِلافِ العَقْلِ والفِطْرَةِ، فإِنَّهُ يهْتَدِي إِلَى وُجودِ الخالِق ﷿، مِنْ حيْثُ الجمْلَةُ أمَّا التَّفْصيلُ فَلا يُمْكِنُ إِلا بِذِكْرِ هَذِهِ الأجْنَاس والأنوَاعِ؛ وَهذا لَا يُمْكِنُ الوُصولُ إِلَى الإِحاطَةِ بِذَاتِ الله ﷿، نُحِيطُ بِالآيات الدّالَّةِ عَلَى صِفَاتِه، أمَّا أنْ تُحِيطَ بِذَاتِ الله فَهذَا أمْر لَا يُمْكِنُ؛ وَهذا يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ أنَّه قَال: "تَفَكَّرُوا في آياتِ الله، وَلَا تَفَكَّرُوا في ذَاتِ الله" (^١).
قوْله تَعالَى: ﴿أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ﴾: ﴿أَنْ﴾ مَصْدَرِّية لأَنَّ المخَفَّفَةَ هِي التي تَكُونُ بَعْدَ عِلْمٍ أوْ ظَنٍّ، مثْلُ قوْلِه تَعالَى: ﴿عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى﴾ [المزمل: ٢٠]، ومثْلُ قوْلِه تَعالَى: ﴿فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ﴾ [الأنبياء: ٨٧]، وأَمَّا هَذِهِ فليْسَتْ كَذَلِكَ، وَعَلى هَذا فتكُونُ مصْدَرِّيةً، ﴿أَنْ خَلَقَكُم﴾ فتكُونُ هِي ومَا بعْدَها في تأْوِيلِ مصْدَرٍ مبْتَدَأ مؤَخَّر يعْنِي خلَقَكُم والخبرُ قوْلُه تَعالَى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ﴾.
قوله ﵀: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ﴾ تَعالَى الدّالة عَلَى قدرته]: قيَّدها بالدّالَّةِ عَلَى قُدْرَته لأنَّهَا أبْرَزُ شَيْءٍ في الآيات في هَذا الخلْقِ، وَإِلَّا فَهُو دَالٌّ عَلَى الحكْمَةِ العَظِيمَةِ إِذْ لَا خلْقَ إِلَّا بعْدَ عِلْمٍ، كَما قَالَ تَعَالَى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤)﴾ [الملك: ١٤].
(^١) أخرجه أبو الشيخ (١/ ٢٤١، رقم ٢٢) عن ابن عباس موقوفًا عليه.
1 / 101