الآية (٥)
° قال الله ﷿: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)﴾ [النور: ٥].
وهَذا الاستَثْناء لا يشْمَل أوَّل الجُمَل بالاتِّفاق، ويشْمَل آخر الجُمَل بالاتِّفاق، واختلَف العُلَماء في الجُمْلة الثَّانية، وهِي قولُه: ﴿وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا﴾؛ فقِيل: إنَّه يعُود إلَيْها، وقِيل: لا يعُود.
وبناء عَلى ذَلِك إذا تَاب القاذِفُ: هَل تُقبَل شهادَتُه أمْ لا؟
الجَوابُ: اختَلف في ذَلِك أهْلُ العِلْم:
فمِنْهم مَن قال: لا تُقبَل شَهادتُه أبدًا ولَوْ تَاب، وأيَّدوا قولَهم بأنَّ اللهَ أبَّد ذَلك بقوْلِه: ﴿وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا﴾ [النور: ٤]، وفَائِدَةُ هَذا التَّأبِيد أنَّ الحُكْم لا يرْتَفع عنْهُم مطلَقًا.
وقالَ آخَرُون: بَل تُقْبل؛ لأنَّ مبْنَى قَبُول الشَّهادة وردَّها عَلى الفِسْق، فإِذا زَال وهُو المانِعُ مِن قَبُول الشَّهادَة، زال ما يتَرتَب علَيْه.
وينْبَغي في مِثْل هَذا أنْ يُقال: إنَّه يُرْجع إلى نَظر الحاكِم، فإِذا رَأى مِن المصْلَحة عدَمَ قبُول الشَّهادة لرَدْع النَاس عن التَّهاوُن بأعْرَاض المسْلِمين، فليَفْعل.