• ثم قال تعالى: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [آل عمران: ١٨].
قوله: ﴿شَهِدَ اللَّهُ﴾:
الشهادة قد تكون بالقول، وقد تكون بالفعل. وشهادة الله ﷾ لنفسه بانفراده بالألوهية هنا، كشهادته لرسوله ﷺ بأنه أنزل عليه الكتاب بقوله: ﴿لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ﴾ [النساء: ١٦٦]؛ فقد شهد ﷿ هو وملائكته لنفسه بالوحدانية، ولنبيه ﷺ بالرسالة، والشهادة في الموضعين قولية.
وأما الشهادة الفعلية ففيما يظهره الله ﷾ من آياته؛ فكل الكائنات تشهد لله ﷿ بالوحدانية بلسان الحال، وكذلك تأييده لنبيه ﷺ بالنصر، وجعل العاقبة له، هو شهادة له بأنه رسول الله حقًّا.
وقوله تعالى: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُو﴾:
أي: لا معبود حق إلا الله، فكل ما عُبد من دون الله فهو باطل، وإن سمي إلهًا؛ فإن ألوهيته مجرد تسمية. كما قال الله تعالى: ﴿مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ﴾ [يوسف: ٤٠]، فلا معبود حق إلا الله. وأما المعبود باطلًا فهو موجود؛ كما سمَّى الله تعالى الأصنام آلهة في قوله تعالى: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ﴾ [يس: ٧٤]، وقال تعالى: ﴿فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ﴾ [هود: ١٠١]، وقال: ﴿فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٣]،