﴿آمَنَتْ﴾ فإنه يريد به القول باللسان والعقد بالجنان؛ ولهذا قال الله ﷿: ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ﴾، فلا يريد منا أن نقول ذلك بألسنتنا فقط، بل بألسنتنا وقلوبنا.
وقوله: ﴿الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا﴾ توسلوا إلى الله بربوبيته، للإخبار بحالهم في الإيمان به، كأنهم يقولون: ربنا آمنا، ولكننا لم نصل إلى الإيمان إلا بربوبيتك لنا، تلك الربوبية الخاصة المقتضية للعناية التامة.
وقوله: ﴿إِنَّنَا آمَنَّا﴾ مؤكد بـ (إنَّ) وقد سأل جبريل النبي ﷺ: ما الإيمان؟
قال: "أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره" (^١).
وقال الله تعالى: ﴿كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾ [البقرة: ٢٨٥]. فالإيمان هنا يشمل الإيمان بكل ما يجب الإيمان به، وهو ستة أنواع: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره. والإيمان ليس هو مجرد التصديق؛ ولهذا يقال: (آمنا به) ويقال: (آمنا له) وبينهما فرق، والإيمان لابد أن يكون مقرونًا بقبول وإذعان؛ يعني: يصدق، ثم يقبل، ثم يذعن، فهذا هو الإيمان، ولهذا يقال: (آمنت به) ولا يقال: (آمنته).
ولو كان الإيمان مرادفًا للتصديق لصحَّ أن يقال: (آمنته) كما يقال: (صدقته).